وعليه فإن منهجه في الاستدلال على وجوب التزام عهد الشيخ بالآيات الكريمة مما لا يسلم له، ومع أنه قد سبقت الإشارة إلى بيان عدم مشروعية هذا الضرب من التفسير (١)، وذلك لعدم استناده إلى الأسس الصحيحة التي يجب على المفسر اعتمادها في تفسير كلام المولى تعالى، إلا أن المقام هنا يستوجب مزيدًا من المقال، فإذا كان كلامه في الجملة في هذا الباب باطلًا، لأنه من التقول على الله تعالى بغير علم، فإنه يتأكد بطلانه عند وصفه لمن عارض الشيخ في ترديد أوراده بالضلال المبين، وذلك عند تفسير قوله تعالى:{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ}، فمن المعلوم أن أوراد مشايخ الصوفية يغلب عليها في الجملة الابتداع إن لم يكن مما يعمها من جهة الحكم، وهذا في حالة خلوها من الشرك، أما مع احتوائها عليه، فإن اتباع الشيخ عندئذ ليس من الضلال فقط، بل هو في الحقيقة من الكفر المخرج من الملة.
ولعل للاختلاف الواقع بين السلف الصالح وبين الأشاعرة في فهم حقيقة التوحيد أثرًا كبيرًا في استساغة مثل هذه البدع الشركية، التي تحوى على الاستغاثات والابتهالات المحرمة، ويؤكد هذا أنه لم ير في هذه الأوراد ما ينافي ذلك القيد الذي اشترطه في اتباع الشيخ، وهو التزامه بالمنهج الصحيح المستمد من الكتاب والسنة.
هذا ولم يكن حكمي على تلك الأوراد بالابتداع وعلى كثير منها بالشرك محض افتراء وتوهم، بل هذه حقيقة يشهد بها كل متجرد يتأمل تلك الأوراد، ولعل حاشيته على الصلوات الدرديرية أكبر شاهد على هذا، وسأنقل منها بعض الأوراد لكبار الصوفية حتى يزداد الأمر وضوحًا، فهذه إحدى الصلوات الدرديرية، يقول فيها الدردير؛ ناقلًا صلاة إبراهيم الدسوقي:"اللهم صل على الذات المحمدية اللطيفة الأحدية، شمس سماء الأسرار، ومظهر الأنوار، ومركز مدار الجلال، وقطب فلك الجلال، بسره لديك، وبسيره إليك، آمن خوفي وأقل عثرتي".
فهذه الصلاة تشتمل على أنواع الضلالات من الغلو بالنبي إلى درجة تقدح في اعتقاد عبوديته، وكذلك التوسل به بعد مماته وغير ذلك مما يجزم ببدعيتها، بل