للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مواردها، وبيان دلالتهما على ما يخالف الأهواء كلها، وكذلك رد الأقوال الضعيفة من زلات العلماء، وبيان دلالة الكتاب والسنة على ردها" (١) من أوجب أنواع النصح لهذا الدين.

ثم إن التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب لحلول اللعنة وغضب الرب، قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة: ٧٨، ٧٩].

يقول الإمام السعدي - رحمه الله - في السكوت عن المنكر، وذلك في تفسيره لهذه الآية الكريمة: "فلو كان لديهم تعظيم لربهم لغاروا لمحارمه، ولغضبوا لغضبه، وإنما كان السكوت عن المنكر مع القدرة موجبًا للعقوبة، لما فيه من المفاسد العظيمة:

منها: أن مجرد السكوت، فعل معصية وإن لم يباشرها الساكت، فإنه كما يجب اجتناب المعصية، فإنه يجب الإنكار على من فعل المعصية.

ومنها: أنه يدل على التهاون بالمعاصي، وقلة الاكتراث بها.

ومنها: أن ذلك يجرئ العصاة والفسقة، على الإكثار من المعاصي

ومنها: أنه بترك الإنكار للمنكر يندرس العلم ويكثر الجهل، فإن المعصية مع تكررها وصدورها من كثير من الأشخاص، وعدم إنكار أهل الدين والعلم لها، يظن أنها ليست بمعصية، وربما ظنها الجاهل أنها عبادة مستحسنة، وأي مفسدة أعظم من اعتقاد ما حرم الله حلالًا وانقلاب الحقائق في نفوس الناس.

ومنها: أن بالسكوت على معصية العاصين، ربما تزينت المعصية في صدور الناس، واقتدى بعضهم ببعض، فالإنسان مولع بالاقتداء.

فلما كان السكوت على الإنكار بهذه المثابة، نص الله تعالى أن بني إسرائيل الكفار منهم، لعنهم بمعاصيهم واعتدائهم، وخص من ذلك هذا المنكر العظيم" (٢).


(١) جامع العلوم والحكم: ١٢٩.
(٢) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان: ٢٣٧.

<<  <   >  >>