للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالدلالة عليها دون العقل، يقول الإيجى: "واعلم أن مسألة الأفضلية لا مطمع فيها في الجزم اليقين؛ إذ لا دلالة للعقل بطريق الاستقلال على الأفضلية بمعنى الأكثرية في الثواب، بل مستندها النقل، وليست هذه المسألة مسألة يتعلق بها علمية فيكتفى فيها بالظن الذي هو كافٍ في الأحكام العملية، بل هي مسألة عملية يطلب فيها اليقين، والنصوص المذكورة من الطرفين بعد تعارضها لا تفيد القطع على ما لا يخفى على منصف، لأنها بأسرها إما آحاد، أو ظنية الدلالة مع كونها متعارضة أيضًا". (١)

ومن هذا النص المتقدم يتبين أنه لا سبيل عند المتكلمين إلى اعتقاد اليقين في المسائل الشرعية إلا بما يستدل له بطريق العقل، إما بالأصالة كمعرفة الله تعالى بصفاته، أو بالاعتضاد كأخبار اليوم الآخر، حيث علم بالعقل إمكانها، أما خلا ذلك فتبقى دلالتها ظنية؛ إذ لا سبيل إلى العقل في إثباتها أو ردها.

وببيان هذا الأصل الفاسد الذي اعتمده المتكلمون في الاستدلال بالأدلة الشرعية يمكن فهم موقفهم من الألفاظ الشرعية من حيث دلالتها على المعانى العقدية:

أولًا: الاستدلال بالنص:

النص في اللغة مأخوذ من الارتفاع، يقال: نص الحديث ينصه نصًا رفعه، وكل ما أظهر فقد نص، ونصت الظبية جيدها رفعته، والمنصة ما تظهر عليه العروس لترى. (٢)

وفى الاصطلاح: ما ازداد وضوحًا على الظاهر لمعنى في المتكلم، وهو سوق الكلام لأجل ذلك المعنى، فهو ما لا يحتمل إلا معنى واحدًا، وبالتالى: فهو مما لا يحتمل التأويل. (٣)

كما يعرف بأنه: "ما لا يتطرق إليه احتمال يعضده دليل، فإن تطرق إليه احتمال لا دليل عليه؛ فلا يخرج عن كونه نصًا" (٤).


(١) المواقف: (٣/ ٩٣٦) ولإبطال ما اشتبه عليه في أمر الأفضلية انظر: مبحث الإمامة: ٦٤١.
(٢) لسان العرب: (٧/ ٤٤٤١).
(٣) التعريفات: ٢٦٩، وانظر: التعاريف: ٦٩٩.
(٤) روضة الناظر وجنة المناظر: (٢/ ٥٦١).

<<  <   >  >>