للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبالجملة فإن لهم في هذا المقام من التفاصيل ما يصعب استقصاؤه، ومرد هذا إلى غلوهم في اعتقاد كمال الشيخ، حتى قام كثير منهم بإضفاء هالة من القداسة عليه وذلك باعتقاد أنه الواسطة بين العبد وبين الرب، فلا يمكن للعبد الوصول إلى الله إلا بطريق شيخه ورضاه عنه.

فالشيخ عند السالك من الصوفية: "واسطة بينه وبين الله، ولا يصير واسطة حتى يكون ظاهره عبودية محضة، وباطنه حرية يقابل العبيد بظاهره، ويمدهم بباطنه، فيأخذهم، ولولا ظاهره ما عرف باطنه، ولولا باطنه ما عرف ظاهره، ولكان مثل عامة الناس". (١)

وتتنوع ألفاظ الصوفية في التعبير عن هذه المسلمات، وقد يميل بعضها إلى الغلو المصرح به كما هو في النص السابق، وقد يلمس فيه نوع من الاعتدال ولكن دون أن يخرج عن هذه الأسس.

* * *

[رأي الشيخ الصاوي]

يعرض الصاوي لبيان آداب التصوف، متبعًا بذلك ما تعارف عليه أصحاب هذا المسلك من وجوب الالتزام بآداب وتعاليم معينة، لا يمكن بدونها للسالك أن ينخرط في مسلك التصوف، إذ يعد الإخلال بها خروج عن مقتضى الانضمام إلى أصحاب هذه الطريقة، بل ومما يقدح في العدالة على أقل درجات العقوبة.

[أهمية اختيار الشيخ]

لما كان من المقرر المعهود عند الصوفية أن هذا العلم لا يتأتى تعلمه والتحلي به إلا بطريق الشيخ؛ بين الصاوي العلاقة بين موضوع هذا العلم وهو الأخلاق والسلوك؛ وبين المتلقى عنهم من مشايخ الصوفية، وذلك من حيث كونهم القدوة الحية التي يحسن بها الوصول إلى ثمرة العلم، وهي صلاح الأعمال والسلوك،


(١) المرجع السابق: ٢٨٢.

<<  <   >  >>