للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويحذر الشعراني كل من سولت له نفسه الاعتراض على الشيخ من الوعيد الذي ينتظره في الدنيا قبل الآخرة، فيقول: "من أضر شيء على المريد الصادق اعتراضه على أحوال الرجال، ومن ابتلاه الله تعالى بذلك فلا بد أن يموت قبل أجله ثلاث موتات: موت بالذل، وموت بالفقر، وموت بالحاجة إلى الناس، ثم لا يجد من يرحمه منهم" (١)

ومبالغة في تأصيل هذا الالتزام، فإنهم يرون في البيعة المنعقدة بين الطالب والشيخ ما يحمل على اتحاد متعلق إرادته بإرادة شيخه، فـ "من شروط المريد أن لا تكون له إرادة، بل يكون مع الشيخ على ما يريده الشيخ، فهو مريد لما يريده الشيخ وتارك لإرادة ما سواه" (٢)

وفي الاستدلال لهذا الرضوخ والانطراح بين يدي الشيخ، يقول الغزالي في أدب المتعلم: "ومهما أشار عليه المعلم بطريق في التعلم فليقلده وليدع رأيه، فإن خطأ مرشده أنفع له من صوابه في نفسه. .

وقد نبه الله تعالى بقصة الخضر وموسى - عليهما السلام -، حيث قال: {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} [الكهف: ٧٢]، فشرط عليه السكوت والتسليم، حيث قال: {قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} [الكهف: ٧٠] " (٣). فـ "المريد مع الشيخ كالميت مع الغاسل، وكذلك كان الصحابة - رضي الله عنهم - مع النبي - صلى الله عليه وسلم -" (٤).

٣ - المبالغة في تعظيم الشيخ وإجلاله؛ وهذا كثير في كلام الصوفية، فمن الآداب التي يجب على الطالب التزامها ألا يكثر الجلوس مع الشيخ، وأن لا يكثر الضحك معه، وأن لا يكثر النظر في وجهه، وأن لا يجلس في موضع الشيخ،


(١) الأنوار القدسية: ١٧٥.
(٢) السمط المجيد في شأن البيعة والذكر، للشيخ أحمد الأنصاري القشاشي: ٤٤.
(٣) إحياء علوم الدين: (١/ ٥١٣). وانظر: الرسالة القشيرية: ٣٣٣.
(٤) الآداب المرضية: ٢٩٧.

<<  <   >  >>