للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحقيقة هذا التصور لأصول ما يجب اعتقاده هو ما ذكرته آنفًا؛ من أنهم جعلوا السمع مجرد خبر يجب تصديقه، لا يحتوى على براهين عقلية تحمل بدورها الذهن على التفكير والتدبر، ضمن دائرة الخبر الموحى به من عند الله تعالى.

وإذا اتضح موقف المتكلمين من قضية الإيمان باليوم الآخر, بقى معرفة مدى صحة مسلكهم في الاستدلال عليه, وذلك من خلال عرض أقوال الصاوي في هذه القضية.

* * *

[رأي الشيخ الصاوي]

أولًا: يقرر الصاوي وجوب الإيمان باليوم الآخر، بقوله: "مما يجب اعتقاده أن الله يبعث العباد، ويحييهم بجميع أجزائهم، ويسوقهم إلى المحشر لفصل القضاء، ومن نفخت فيه الروح بعث ولو نزل ميتًا".

وفى بيان حقيقة الإيمان باليوم الآخر، يقول عند تفسير قوله تعالى: {يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [آل عمران: ١١٤]: "أي يصدقون بأن الله متصف بكل كمال مستحيل عليه كل نقص وقوله واليوم الآخر أي وما فيه من النعيم والعقاب فيصدقون بأنه حق" (١)

ثانيًا: أما عن أسماء اليوم الآخر، فيذكر منها، قائلًا: "ومما يجب اعتقاده وإنكاره كفر؛ اليوم الآخر، ويسمى يوم الدين، ويوم الجزاء، ويوم القيامة".

ثم يعلل تسميته باليوم الآخر قائلًا: "وسمى بذلك لأنه آخر الأيام فلا ليل بعد، بل إما نور محض على من آمن، أو ظلام محض على من طغى وكفر، وأوله من قيام الناس من القبور، ولا نهاية لآخره، وقيل: استقرار أهل الدارين فيها".

ثالثًا: وفي حديثه عن حجية الإيمان باليوم الآخر، فإنه يتابع المتكلمين قبله في إرجاع ذلك إلى النقل، يقول: "ويجب الإيمان به لوروده كتابًا وسنة وإجماعًا، قال تعالى: {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا} [الإنسان: ١٠] ". (٢)


(١) حاشية الجلالين (١/ ١٦٤).
(٢) حاشية الجوهرة: ٦٠ - ٦١.

<<  <   >  >>