للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصاوى لدفع هذا التعارض الذي يراه بين ظاهر النص وما يجب أن يفسر بها اتباعًا للعقل فإنه يقرر مذهب التأويل أو التفويض، فمرة يوجب تأويل النص بما يوافق مذهبه الأشعري، ومرة يوجب التفويض بحيث يمتنع تعيين المعنى لمعارضته العقل المحكم في فهم النصوص المتعلقة بتوحيد الرب تعالى عنده. ولبيان هذا فإنه يتعين الحديث عن:

[مسلك التأويل والتفويض]

وأصله المعتمد في انتهاج مسلك التأويل أو التفويض - كما سبقت الإشارة إليه - هو الوصول إلى معنى لا يعارض الأساس العقلى الذي تم به معرفة الله تعالى وهو تنزيهه عن مماثلة الحوادث الذي هو محصلة أصلهم المبتدع الذي اعتمدوه في إثبات وجود الباري تعالى وهو قولهم بأن: كل ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث.

وعليه فإنه ما من دليل من كتاب أو سنة يفيد إثبات صفة لله تعالى فيها ما يوهم - عنده - مخالفة لهذا الأصل المبتدع إلا ورام إبطالها وتنزيه المولى عنها.

يقول شارحًا قول اللقانى:

وكل نص أوهم التشبيها ... أوله أو فوض ورم تنزيها

"وحاصل ما في هذا المقام أنه لما قدم - أي: اللقانى - أنه سبحانه وجبت له المخالفة للحوادث عقلًا وسمعًا، وورد في القرآن والسنة الصحيحة والحسنة ما يوهم إثبات الجهة والجسمية، وكان مذهب أهل الحق من السلف والخلف تأويل الظواهر لوجوب تنزيهه تعالى عنه، أشار إلى ذلك مقدمًا طريق الخلف لأرجحيته لقول أهل الفن: طريق الخلف أعلم وأحكم؛ لما فيه من مزيد الإيضاح والرد على الخصوم، وطريقة السلف ومنهم الأئمة الأربعة أسلم للسلامة من تعيين معنى يكون غير مراد له تعالى، والخلاف إنما هو في الأولوية وإلا فارتكاب كل كافٍ". (١)


(١) حاشية جوهرة التوحيد: ٣١.

<<  <   >  >>