للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[(المبحث الأول): معرفة الله تعالى]

[(تمهيد)]

لما كانت معرفة الله تعالى هي أساس الإيمان به؛ كان من رحمته عز وجل أن فطر الناس على تلك المعرفة وجبلهم على الإقرار بها، ولمكانة هذا الأصل وما له من أهمية، وجدت أدلته كثيرة، ومتنوعة الدلالة في كتاب الله تعالى وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وفى أقوال السلف المتقدمين، بل وفي حال الأمم السابقة واللاحقة؛ لذلك كان معتقد أهل السنة والجماعة في المسألة مقتضى تلك الأدلة وهو الإقرار بفطرية معرفته سبحانه.

ومن تلك الأدلة التي تقرر هذه الحقيقة، قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: ٣٠]

حيث فسرت الفطرة هنا بالإسلام وكان هذا هو قول كبار السلف من الصحابة والتابعين فقد روى عن: أبي هريرة، ومعاذ بن جبل، وعكرمة، ومجاهد، والحسن، (١) وهذا "هو المعروف عند عامة السلف من أهل العلم بالتأويل" (٢)

ويستند تأويل الفطرة المذكورة في الآية الكريمة بالإسلام إلى وجود الأمر بالالتزام به؛ وبيان أن الله تعالى قد فطر الناس عليه وجبلهم على التمسك به، فيصبح الأمر بالإيمان هو أمر بمقتضى تلك الخلقة التي جبلوا عليها، فيتحقق بذلك التلازم بين الأمر بالإسلام دين الله، وكونه فطرة قد جبل الناس على الإقرار بها، يدل على هذا حذف العامل فإنه لا يحذف في لغة العرب إلا إذا كان معلومًا من سياق الكلام.


(١) جامع البيان في تأويل آى القرآن: (٢١/ ٤٠ - ٤١).
(٢) التمهيد: (١٨/ ٧٢).

<<  <   >  >>