للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك الرحمة كلها له ووصفًا وملكًا.

وكذلك البركة؛ فهو المتبارك في ذاته، والذي يبارك فيمن شاء من خلقه وعليه، فيصير بذلك مباركًا، فـ {تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: ٥٤] " (١)

ومن هذا يعلم أن البركة أمر توقيفى لا يصح نسبتها لشيء لم يرد فيه دليل شرعي، عقلي أو خبري، إذ مرد البركة لله تعالى أمرًا وكونًا، فأسباب البركة والخير تعلم إما بالضرورة العقلية الشرعية مما أراده تعالى كونًا وخلقًا، أو الخبرية الشرعية التي أتى الرسل الكرام ببيانها تبليغًا ودعوة وإرشادًا من المولى تبارك وتعالى، وبهذا المعنى يكون الرسل مباركين لأنهم ينفعون من يرسلون إليه بما علمهم الله وأوحى إليهم، وكذلك يكون أتباعهم بتبليغهم دعوة الرسل ونشرها بين الناس، قال تعالى مخبرًا عن المسيح: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} [مريم: ٣١].

"قال غير واحد من السلف معلمًا للخير أينما كنت وهذا جزء المسمى فالمبارك كثير الخير في نفسه الذي يحصله لغيره تعليمًا وإقدارًا ونصحًا وإرادة واجتهادًا ولهذا يكون العبد مباركًا لأن الله بارك فيه وجعله كذلك والله تعالى متبارك لأن البركة كلها منه فعبده مبارك وهو المتبارك: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: ١] " (٢)

ولعل ما ذهب إليه من مشروعية الاستغاثة بالأولياء يدني اعتقاده في التبرك من المعنى الممنوع؛ لأن فيه ذريعة لاعتقاد حصول النفع أو الضر منهم.

ثالثًا: ملاحظة الشيخ:

ومن جملة الغلو الذي قرره الصاوي في الآداب المتعلقة بالشيخ: وجوب ملاحظته في كل الأوقات، وأن في هذا العمل القلبي ما يدفع به شر الشيطان الرجيم، ولعل في هذا ما يؤكد انحرافه في قضية التبرك بالشيخ، حيث بنى على


(١) بدائع الفوائد: (٢/ ٤١٢).
(٢) جلاء الأفهام، لابن القيم: ١٦٨.

<<  <   >  >>