للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفى الجمع بين ما وردت به الأحاديث: الحديث الصحيح: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحدة من أحصاها دخل الجنة) (١) والحديث السابق، يرجح الغزالي. أن هذا كان في معرض الترغيب للجماهير في الإحصاء، لا لدلالة الحصر" (٢).

٤ - أسماء الله تعالى غير مخلوقة:

وهذا محل إجماع عندهم، يقول اللقانى في جوهرة التوحيد:

وعندنا أسماؤه العظيمة ... كذا صفات ذاته قديمة

ومن جملة ما تعلق بهذه القواعد: المراد بالإحصاء الذي ذكر في الحديث، فالأشاعرة يؤكدون على وجوب تدبر تلك الأسماء وفهم معانيها والتعبد بمقتضاها، وإن وجد اختلاف بينهم وبين السلف في مقتضى ذلك الفهم، حيث يوجبون تأويل بعضها لما تقرر عندهم من أن المعول عليه في ما يجب الإيمان به من الصفات هو ما دل عليه الدليل العقلى، أو انعدم فيه المعارض من جهته (٣).

ومع هذا التوجه الذي يحصر حصول اليقين في إعمال مسلك العقل يجد التصوف لنفسه منفذًا واسعًا في المذهب الأشعري يلج فيه باسم الكشف والذوق، فيفسر النصوص بعيدًا عن كل تلك القواعد التي غلا المتكلمون في إعمالها، ولما كان التدرج في طريق التصوف يعتمد كثيرًا على التجارب الوجدانية التي ترتكز على مبدأ التأمل والإشارة تأثرًا بالمذاهب الإشراقية، صار لأهل التصوف من الأشاعرة مفهومًا خاصًا لمعنى الإحصاء الوارد في الحديث، يرجع إلى اعتقاد الصوفية بما اشتهر - عندهم - من وجوب التخلق بأخلاق الله" (٤).

* * *


(١) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الشروط - باب ما يجوز في الاشتراط، رقم الحديث: ٢٧٣٦.
(٢) المقصد الأسنى: ١٣٦ - ١٣٧. وانظر: شرح المقاصد، للتفتزانى: (٤/ ٣٤٨).
(٣) سيأتي تفصل ذلك في مبحث الصفات: ٢٥٥.
(٤) المقصد الأسنى: ١٥٠ - ١٥١ ولم أعثر على تخريج - لهذا الحديث وإنما اطلعت على بعض أقوال العلم في كونه مختلقًا لا أصل له.

<<  <   >  >>