للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والظلم، ومنها ما يستند إلى بذل المعروف، كالإحسان إليهم بتقديم العون، وتفريج الكربة، وطلاقة الوجه إلى غير ذلك مما لا مجال لحصره الآن.

وقد أمر المولى باستشعار نعمة الأخوة والحفاظ عليها من كل ما يقتضي الإخلال بحقوقها، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: ١٠٣].

يقول الإمام الشوكاني في معنى الآية: "أمرهم سبحانه بأن يجتمعوا على التمسك بدين الإسلام أو بالقرآن، ونهاهم عن التفرق الناشئ عن الاختلاف في الدين" (١).

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله! إخوانًا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ها هنا)، ويشير إلى صدره ثلاث مرات: (بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه). (٢).

ويتأكد هذا الخلق في حق من تآخوا في تلقي العلم؛ فعليهم أن يحذروا من الحسد والتشاحن والتباغض والعجب المؤدي إلى احتقار الغير، يقول الإمام النووي: "ومما يجب عليه ويتأكد الوصية به أن لا يحسد أحدًا من رفقته أو غيرهم على فضيلة رزقه الله إياها، وأن لا يعجب بنفسه بما خصه الله.

وطريقه في نفي العجب أن يذكر نفسه أنه لم يحصل ما حصله بحوله وقوته، وإنما هو فضل من الله، ولا ينبغي أن يعجب بشيء لم يخترعه بل أودعه الله تعالى فيه.


(١) فتح القدير: (١/ ٥٤٧).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب البر - باب تحريم ظلم المسلم: (١٨/ ١٢١).

<<  <   >  >>