حيث المبدأ الذي يقضي بعدم التفريق بين الله - سبحانه وتعالى عن قولهم - وبين النفس البشرية، ومن هنا يظهر الخطأ الذي وقع فيه الصاوي من اعتقاد صحة القول بالوحدة مع التنزيه عن الحلول المزجى، والذي يقضي بالوقوف على الكنه، لأن هذا في حقيقة الأمر جمع بين النقيضين: الوجود والعدم، فمنع الاتحاد يعني عدم الوحدة، وإثباته يعني إثباتها، لذلك فإن ما خرج به الصاوي وحدة الوجود مع التنزيه عن الحلول والإحاطة مغالطة ليس لها أساس من الصحة.
وقد يفسر موقف الصاوي المتناقض في إثبات الوحدة مع التنزيه عن الحلول وتفسيرها بالمعية والإحاطة والعلم بما يكشف عن وجهة نظره في معنى وحدة الوجود عنده، فإنه قد نص على تعريف وحدة الوجود بما يفسر به وحدة الشهود كما أن تأويله لوحدة الوجود بمشاهدة أفعال الله تعالى من المعية والقدرة والإحاطة ليدل على أن مراده بها وحدة الشهود، ومن هنا فإن إبطال إثباته لوحدة الوجود يكون ببيان مخالفة نظرية وحدة الشهود لوحدة الوجود، فوحدة الشهود كما سبق وأن بينت المراد منها أن يرى السالك الله تعالى رؤية قلبية فلا يشهد شيئًا مع شهوده إياه، كما أن أساس استشعارها قائم على مبدأ الثنوية، وقد يغرق الصوفي في هذا المعنى حتى يصل إلى ما يقارب وحدة الوجود من اعتقاد الحلول والاستغراق في الذات الإلهية - تعالى الله عن قولهم - فمع التسليم بأن وحدة الشهود قد تكون سبيلًا لوحدة الوجود وذريعة للإلحاد، إلا أن كلام الصاوي في منع الحلول والوقوف على الكنه والتأكيد على أن المراد بها عنده قيومية الله قيومية إحاطة وعلم وقدرة يقطع بعدم إرادته للمعنى الكفري من وحدة الشهود.
وإذا ثبت بطلان إثبات وحدة الوجود على معنى لا يكون فيه اتحاد بين الخالق والمخلوق للاعتبارات السابقة، فإن أي تفسير لنصوص الكتاب والسنة في سبيل التأصيل لها، يعد من التقول على الله بغير علم، فهو إذًا تأويل باطل لا اعتداد به. وعليه فإن الاستدلال بقوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى