ومع سبر أقوال الصاوي في مسائل الأسماء والأحكام يمكن الخلوص إلى النقاط الرئيسة التي يجب أن يدور حول محورها النقاش التفصيلى الموصل للحقيقة المستهدفة، وهى كالتالى:
أولًا: الإيمان وحقيقة الكفر:
مع ما سبق من بيان مكانة العمل من الإيمان عند السلف، إلا أن التأكيد على هذا الأصل متحتم في هذه القضية على جهة الخصوص، إذ الفرق الشاسع بين معتقد المرجئة في العمل من أنه ثمرة للإيمان ومعتقد السلف من أنه لازم له لا يتصور انتفاؤه مع وجود ملزومه؛ جعل هذا أساس في كل اختلاف تفرع عنه من مسائل الأسماء والأحكام، فالتكفير بترك العمل بالكلية ولو مع غير استحلال وإنكار أصل في المعتقد الصحيح المستمد من نصوص الكتاب والسنة، فكما أن التوحيد منه ما هو عملى، وهو توحيد الإرادة والقصد، ومن أخل به وقع في الشرك المناقض لأصل التوحيد المنجى، كذلك الإيمان منه ما هو عمل والعمل منه ما هو أصل فيه، بحيث لو أخل المكلف بالإتيان به وقع في الكفر المناقض للإيمان.
والحقيقة التي لا مراء فيها أن الإيمان الشرعي يدخل فيه التوحيد بإقرار الأشاعرة أنفسهم، كما سبق بيانه ولكن الخلاف معهم في نوع هذا التوحيد، وما هو المنجى منه، فهم يقرون بأن من صدق بالله تعالى واعتقد مشاركًا له في ربوبيته لم ينجه ذلك الإيمان، لأنه خالف الإيمان الشرعي الذي يحكم لمن أتى به بالنجاة في الدارين، يؤكد هذا عدهم الإشراك في توحيد الربوبية من نواقض الإيمان الكفرية، إذ الكفر أنواع والشرك واحد منها، كما هو واضح من كلام الصاوي، وإن اعتقد بقلة من كفر من الثقلين بسببه. (١)
فهذا الأصل المجمع عليه بين الأشاعرة والسلف يعد نقطة مهمة في تحديد محور الخلاف، الذي به يمكن التوصل إلى نتيجة تقنع المتجرد لمعرفة الحقيقة، فإذا ثبت أن