توحيد الإرادة والقصد والذي يعني إفراده تعالى بأنواع العبادة الفعلية والاعتقادية من صميم التوحيد الذي يحصل به النجاة؛ ثبت في المقابل أن الإيمان المنجى ما كان مشتملًا على الأركان الأساسية من العمل، كالإقرار والصلاة والتحاكم لشرع الله تعالى في كل صغيرة وكبيرة مع الإتيان بشرط قبوله من الإخلاص والمتابعة؛ لأنه لا يقبل منه إلا ما تحقق فيه ركنى توحيد الإرادة والقصد.
وإذا تبين مدى الارتباط الوثيق بين مكانة العمل من الإيمان بحقيقة التوحيد المنجى في المعتقد الصحيح النابع من مقتضى التسليم بنصوص الوحى المنزل من عند الله تعالى؛ ثبت أنه لا انفكاك في الاعتقاد الجازم بأن الإخلال بأى منهما هو من الكفر المخرج من الملة بالكلية.
وفي ما يلى نصوص من الكتاب والسنة، تثبت هذه الحقيقة المجمع عليها عند السلف:
روى الخلال عن الإمام أحمد ما نصه:"قال الحميدي: وأخبرت أن قومًا يقولون: إن من أقر بالصلاة والزكاة والصوم والحج ولم يفعل من ذلك شيئًا حتى يموت فهو مؤمن؛ ما لم يكن جاحدًا إذا علم أن تركه ذلك في إيمانه إذا كان يقر الفروض واستقبال القبلة، فقلت: هذا الكفر بالله الصراح، وخلاف كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وفعل المؤمنين، قال الله عز وجل:{حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}.
قال حنبل: قال أبو عبد الله: من قال هذا فقد كفر بالله، ورد على الله أمره وعلى الرسول ما جاء به". (١)