للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفكر الصوفى اتجاه استشعار الأسماء الحسنى: "إنا وجدنا مكر النفس في الكليتين، وكياسة المعرفة في الفؤاد، فبكياسة المعرفة يعرف مكر النفس:

وكياسة المعرفة من اسمه الحى، ومكر النفس من حدة الهوى الذي يصير إلى النفس من معدنه، فتلتقط لطائف الشهوات، وعذوبة الأفراح، وبهاء الزينة، فتحمله إلى الصدر حتى يشبه على عين الفؤاد، ويطفئ نور الكياسة، ويخمد وقود حياتها، فيكون كالحى المسبوت (١).

فمن شأن القائم ببرهان ذلك بالعناية والبال العظيم، أن يراقب أحوال النفس في هذا المكر الذي يعامل به، فيلقى كل حال وكل شأن بمثلها من الكياسة حتى يردعها عن وجهتها التي قصدت إليها، فترجع النفس بمكرها منقمعة خاسئة بما لقيت من زجرة الكياسة". (٢)

أما غلاة الصوفية فيجعلون من ذكر الله تعالى بالأسماء الحسنى سبيلًا إلى الاتصاف بها حتى يخرج بهم الأمر إلى ادعاء مشاركة الرب تعالى في مقتضى هذا الاسم الذي لا ينبغى إلا لذاته سبحانه، يقول الكاشانى في تعريف العبادلة: "هم أرباب التجليات الأسمائية إذا تحققوا بحقيقة اسم من أسمائه تعالى، واتصفوا بالصفة التي هي حقيقة ذلك الاسم"

ومن أمثلة ذلك، يقول في معنى عبد القهار: هو الذي وفقه الله بتأييده لقهر قوى نفسه، فتجلى له باسمه القهار، فيقهر كل من نوأه، ويهزم كل من بارزه وعاداه، ويؤثر في أكوان ولا يتأثر منها" (٣)

ويقول: "عبد الحى: من تجلى له الحق بحياته السرمدية، فحى بحياته الديمومية.

عبد القيوم: هو الذي شاهد قيام الأشياء بالحق، فتجلت قيوميته فصار قائمًا بمصالح الخلق قيمًا بالله، مقيمًا لأوامر الله تعالى في خلقه بقيوميته، ممدًا لهم فيما يقومون به من معايشهم ومصالحهم وحياتهم" (٤)


(١) المسبوت النائم والساكن.
(٢) نص الرسالة محقق في آخر كتاب: التصوف والأخلاق، للدكتور/ عبد الفتاح بركة: ٢٩٧.
(٣) اصطلاحات الصوفية: ١٢٥.
(٤) المرجع السابق: ١٣٤.

<<  <   >  >>