للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويحكى الجبرتى (١) قصة توليه الحكم، وكيف أنه كان بتأهيل الرعية له، وركب الجميع - الأهلى - وذهبوا إلى محمد على وقالوا له: إنا لا نريد هذا الباشا حاكمًا علينا، ولا بد من عزله من الولاية، فقال: ومن تزيدونه يكون واليًا؟ قالوا له: لا نرضى إلا بك، وتكون واليًا بشروطنا لما نتوسمه فيك من العدالة والخير، فامتنع أولًا ثم رضى، وأحضروا له كركًا وعليه قفطان، وقام إليه السيد عمر، والشيخ الشرقاوى فألبساه له، وذلك وقت العصر، ونادوا بذلك في تلك الليلة في المدينة (٢).

هذا وقد قادت تلك الحملة الفرنسية حملة أخرى من بلد أوربى آخر، فكانت: الحملة الإنجليزية على مصر في فبراير سنة: ١٨٠٧ م، فقد توجهت حملة شرسة من قبل انجلترا بقيادة الجنرال "فريزر" وتعود أسباب هذه الحملة إلى انتقاض المعاهدات السياسية بين انجلترا وتركيا، فقد استاءت أشد الاستياء لانحياز تركيا إلى جانب فرنسا، فساءت العلاقات بين الدولتين حتى انتهت بإعلان الحرب بينهما.

وصلت مصر أنباء هذه الحملة الإنجليزية قبل مقدمها إليها، وذلك عبر الرسائل الواردة من الأستانة، فأخذ الشعب المصرى بالاستعداد لمقاومتها، وتولى القيام بشؤون هذه المقاومة السيد عمر مكرم، فكان نعم الزعيم الشجاع الحازم.

ومن جهة أخرى فقد أخذ محمد على يعد العدة للزحف على الاسكندرية وتخليصها من الإنجليز؛ حتى مقدم رسول الجنرال الإنجليزى الذي حمل له رسالة من أميره يطلب فيها المفاوضة في الصلح على أن يجلو الجيش عن الإسكندرية، وأبرمت على أثر ذلك معاهدة تقضى بخروج الجنود الإنجليز عن الإسكندرية في مقابل إعادة أسراهم وجرحاهم، وذلك بعد عدد من المعارك والحروب الضارية التي


(١) هو عبد الرحمن بن الحسن بن إبراهيم بن حسين بن على بن محمد بن عبد الرحمن الجبرتى الزيلعي العقيلى المصرى الحنفى المؤرخ، ولد بالقاهرة وتعلم بالجامع الأزهر، كان من كتبة الديران في عهد نابليون، توفى مخنوقًا في رمضان: ١٢٣٧ هـ.
(٢) عجائب الآثار: (٣/ ٦٣).

<<  <   >  >>