للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو بذلك يزيل إشكالًا قد يتبادر إلى الذهن، إذ كيف يطلق على هذا المعنى صفة مع كونه لا يثبت وصفًا قائمًا بالذات؟ يقول: "ليس المراد بالصفة المعنى القائم بالشيء، بل ما يحكم به عليه" فعاد إلى ما سبق أن عرف به الصفة. (١)

المناقشة:

إن الأساس الذي اعتمده الصاوى في التفريق بين الصفة النفسية وصفات المعانى يرجع إلى أمر اعتبارى لا حقيقة له في نفس الأمر؛ لأنه حاول التفريق بين الصفات الثبوتية [النفسية والمعانى] بتقدير ذات فما استحال تقديرها بدونه من الصفات سماه نفسيًا، وما أمكن التقدير بدونه سماه معانى ومعنوية؛ لذلك جعل النفسية مما يثبت معنى في الذهن واللفظ على عكس المعانى؛ إذ يرى أنها تثبت معنى في اللفظ والذهن والخارج.

والحق أن هذا تقسيم لا يصح" لأن جميع صفات الرب اللازمة له هي صفات نفسية ذاتية، فهو عالم بنفسه وذاته، وهو عالم بالعلم، وهو قادر بنفسه وذاته وهو قادر بالقدرة، فله علم لازم لنفسه وقدرة لازمة لنفسه". (٢)

كما أن هذه التسمية لوجود الله تعالى مما لم يرد به الشرع؛ لذا وجب الإعراض عنها، ويرى الشيخ الشنقيطى - صاحب أضواء البيان رحمه الله - أن فيها إضافة لما سبق سوء أدب مع الله تعالى؛ لأن الصفة النفسية لا تكون إلا جنسًا أو فصلًا, وهذا مما لا يجوز في حق المولى تبارك وتعالى؛ لأنه تعالى لا يدخل في عداد الكليات إذ لا شريك له ولا ند ولا نظير حتى يميز بالفصل أو الجنس؛ "لأن الجنس قدر مشترك بين حقائق مختلفة؛ والفصل هو الذي يفصل بعض تلك الحقائق المشتركة في الجنس عن بعض. سبحان رب السموات والأرض وتعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا". (٣)


(١) المرجع السابق: ١٩.
(٢) الدرء: لشيخ الإسلام: (٣/ ٢١).
(٣) تفسير أضواء البيان: (٢/ ٢٧٤).

<<  <   >  >>