للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم يقرر دليل القضيتين، ويبدأ بالصغرى: "حدوث العالم"، ويستدل على صحتها ببيان المقدمات التي تنبنى عليها، مع الاستدلال لكل مقدمة منها.

أما المقدمة الأولى، التي ينبنى عليها دليل حدوث العالم، إثبات أن "العالم متغير"، ودليلها يستند إلى الإدراك الحسى، حيث علمت "بالمشاهدة".

وأما المقدمة الثانية "كل متغير حادث" فيقرر الاستدلال عليها بوجود التلازم بين التغير والحدوث، حيث يقول: "فإن كان موجودًا بعد عدم فحدوثه ظاهر وإن كان معدومًا بعد وجود، فكل ما جاز عليه العدم قطعًا يستحيل عليه القدم".

ثم يبين وجه التلازم بين التغير والحدوث، بتقسيم العالم إلى أجرام وأعراض، "فحدوث الأعراض بمشاهدة التغير، والأجرام لملازمتها لها، وملازم الحادث حادث بالضرورة".

فيصل بذلك إلى صحة المقدمة الأولى: "فينتج العالم حادث". (١)

وأما دليل القضية الكبرى "كل حادث له محدث"، فيستند إلى وجوب إثبات المرجح، الذي كان به ترجيح الوجود على العدم، يقول: "وإلا لزم الترجيح من غير مرجح، وهو محال، فينتج العالم لا بد له من محدث".

ولإثبات أن المحدث هو الباري تعالى؛ يستدل بما يجب أن يتصف به القادر على الإيجاد من وجوب الوجود؛ منعًا للتسلسل والقدرة السابقة للفعل، وغير ذلك، يقول: "وهذا المحدث واجب الوجود إلى آخر الصفات التي يتوقف عليها الإيجاد، وإلا لما وجد العالم". (٢)

ويذكر عبارة أخرى في تقرير الدليل، هي أقرب للفطرة: "أن تقول العالم جائز عليه العدم، وكل ما جاز عليه العدم استحال عليه القدم، أنتج: العالم استحاله عليه القدم". (٣)


(١) المرجع السابق: ١٥.
(٢) حاشية جوهرة التوحيد: ١٥، ١٦. وانظر: حاشية الخريدة البهية: ٤٨، ٤٩.
(٣) المرجع السابق.

<<  <   >  >>