للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ساكن، والحركة والسكون أعراض، والدليل على عرضيتها كما سبق، أنه يجوز فناؤها، فتذهب الحركة مثلًا ويحل السكون، والعكس بالعكس، فإثبات حلول هذه المعانى في الجسم يعتمد على مبدأ الإدراك الحسى، الذي يميز الأجسام المتحركة من الساكنة، والمجتمعة من المتفرقة.

٤ - أنها إذا لم يخلو الجسم منها، وجب حدوثه مثلها؛ لأن حظ هذه المعانى في الوجود الحدوث، وارتباط الجسم بها يعني عدم إمكان انفكاكه عنها؛ لذلك وجب أن يكون حادثًا مثلها. (١)

وبهذا يرى القاضي عبد الجبار أنه تمكن من إثبات حدوث العالم، ليثبت بذلك احتياجه لمحدث أحدثه، ويستخدم طريق السبر والتقسيم لإثبات ذلك، فيقول: "لا يخلو: إما أن تكون قد أحدثت نفسها، أو أحدثها غيرها"، ويبرهن على فساد الفرض الأول، بأن الفاعل يجب أن يكون متقدمًا على فعله، فاستحال بذلك أن تحدث الأجسام نفسها؛ لأنه يلزم من ذلك اتصافها بالقدرة حال عدمها.

بقى الفرض الثاني وهو إثبات محدث لها، وجب أن يكون مخالفًا لها، لاستحالة إيجاد الحادث للحادث، يقول: "فلم يبق إلا الفرض الثاني: وهو أن يكون الذي أحدثها فاعل مخالف لها، وهو الله تعالى الذي ليس كمثله شيء". (٢)

وقد تابع الأشعرية من تقدمهم من الفرق في ابتداع هذا الأصل، وجعله سبيلًا إلى معرفة الله تعالى، كما هو مقرر في الكثير من كتب الأشاعرة. (٣)

ومع إجماعهم على أهمية الدليل وحصول المطلوب به، إلا أن طرق عرضهم لهذا الدليل تختلف، ولكن لا يخرجها هذا الاختلاف عن المقصود، وحيث ينبنى هذا الدليل على مقدمتين هما:

١ - العالم حادث.

٢ - وكل حادث له محدث.


(١) شرح الأصول الخمسة: ٩٥، ٩٧، ٩٩، ١٠٤, ١٠٥، ١٠٧، ١١١.
(٢) المرجع السابق: ١١٩.
(٣) انظر: المواقف للإيجى: ٢٤٥.

<<  <   >  >>