للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلام حيث قال: "والمعتزلة كانوا هم أئمة الكلام في وجوب النظر والاستدلال بطريقة الأعراض والأجسام وما يتبع ذلك" (١) ولشيخ الإسلام كلام يرجع فيه هذا الدليل إلى الجهم بن صفوان (٢). (٣)

وقد أرجع القاضي أولية الاستدلال به لأبي الهذيل من شيوخ المعتزلة. (٤)

ويقوم هذا الدليل على أربع دعائم تجتمع في اعتقاد أن الأجسام لا تخلو من الحوادث وهى: الاجتماع، والافتراق، والحركة، والسكون، وعدم انفصال الجسم عنها، يعني أنه حادث مثلها. (٥) وتكون كالتالى على جهة التفصيل:

١ - أن في الأجسام معانٍ هي: الاجتماع، والافتراق، والحركة والسكون، وبيان ذلك: أن اجتماع الجسم بعد أن كان متفرقًا يحتاج إلى مخصص؛ وما كان كذلك فهو محدث، وأيضا يقال ذلك في السكون بعد الحركة، ومثله يقال في الافتراق، ودلالته أقرب، فإن الذي نراه من الأجسام إنما يكون بعد اجتماعها، والافتراق يكون بعد الاجتماع، إذًا فالافتراق دلالته على حدوث الأجسام من أقوى الأدلة.

٢ - أن هذه المعانى محدثة. وتحرير هذه الدعوى إثبات أن هذه أعراض (٦) والأعراض حادثة والدليل على حدوثها أنه يجوز عليها العدم فيمتنع عنها القدم ولا توسط في ذلك.

٣ - أن أي جسم من الأجسام لا يخلو من الأعراض، فالجسم إما متحرك وإما


(١) الدرء: (٨/ ٩٨، ٩٩).
(٢) هو أبو محرز جهم بن صفوان الراسبى الذي قال بالإجبار والاضطرار إلى الأعمال وأنكر الاستطاعات كلها، وزعم أن الإيمان معرفة الله فقط، وزعم أن الجنة والنار تبيدان وتفنيان: الفرق بين الفرق: ٢٢١.
(٣) انظر: منهاج السنة النبوية: (٨/ ٥).
(٤) شرح الأصول الخمسة: (٩٥).
(٥) مذاهب الإسلاميين، عبد الرحمن بدوى: (١/ ٣٩٨).
(٦) العرض: [هو الموجود في شيء غير متقوم به لا كجزء منه، بل ولا يصح قوامة دون ما هو فيه]: المباحث المشرقية، [أو ما لا يقوم بنفسه وإنما يحتاج إلى جسم يقوم به، مثل الطعومات والمشمومات والمبصرات والألوان والحركات] الرازي: (١/ ١٣٨). وانظر: المواقف للإيجى: ٩٦.

<<  <   >  >>