للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلينا وإجرائها علينا" (١) , ويقول: "فجميع خيرات الدنيا والآخرة تغترف من النبي كما يغترف من البحر". (٢) إلى أن يصف ذات النبي - عليه الصلاة والسلام - بالأحدية: "أي العديمة المثيل والنظير والشبيه في الذات والصفات من سائر المخلوقين" (٣).

أما عن الصالحين؛ فهو يرى مشروعية التوسل بهم أحياءً وأمواتًا إما بطريق الدعاء والاستغاثة بهم، أو بزيارتهم للتبرك بذواتهم وآثارهم وفعل الطاعات عندهم، شريطة ألَّا يعتقد في أحدهم إمكان التصرف على جهة الاستقلال، وأن ما يحصل من النفع عند وصلهم كان نتيجة لإدامتهم فعل الطاعات والذكر، فيرتقوا في المقامات حتى يصلوا إلى رتبة التصريف الكونى بأمر الله فيقول أحدهم للشيء: كن فيكون (٤)، وبذلك يبرر ما يفعله الصوفية اتجاه الأولياء لنيل البركة وقضاء الحوائج، يقول: "وأما الالتجاء إلى المخلوق من حيث إنه مهبط الرحمات كمواصلة آل البيت والأولياء والصالحين فهو مطلوب وهو في الحقيقة التجاء للخالق، يقرب ذلك أن الله أمرنا بالجلوس في المساجد والطواف بالبيت وقيام ليلة القدر ونحوها، وما ذاك إلا للتعرض للرحمة النازلة في تلك الأماكن والأزمان فلا فرق بين الاشخاص وغيرهم، فهم مهبط الرحمات لا منشؤها". (٥)

ومع إقراره بمكانة الدعاء من العبادة حيث يقول: "الدعاء جزء من أجزاء العبادة، وسميت العبادة دعاء لأنه أعظم أجزائها كما في الحديث: (الدعاء مخ العبادة) (٦) " (٧)، إلا أنه لا يرى بأسًا من دعاء الصالحين والاستغاثة بهم (٨) عند الحاجة؛ بحجة أنهم مهبط للرحمات، كما تقدم.


(١) المرجع السابق: ٢٣.
(٢) المرجع السابق: ٨٩.
(٣) المرجع السابق: ٣٩.
(٤) انظر المرجع السابق: ١١٠.
(٥) حاشية الجلالين: (٣/ ٩٠). وانظر: (٣/ ٢٢٢).
(٦) أخرجه الترمذي: كتاب الدعوات - باب ما جاء في فضل الدعاء، ورقمه: ٣٣٧١: قال الترمذي: غريب، لا نعرفه إلا من طريق ابن لهيعة: (٥/ ٣٣٧١) وقد ضعفه الألبانى في ضعيف الجامع: (٣/ ١٥٨) ورقمه: ٣٠٠٣. وله شواهد صحيحة.
(٧) المرجع السابق: (١/ ٢٣١).
(٨) انظر: المرجع السابق: ٦٤.

<<  <   >  >>