للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا بعض الإنس، أما الجن برمتهم فلا يعتقدون الشرك لله سبحانه، وإنما الكافر منهم بغير الشرك" (١)

وبهذا يعتقد الصاوى أن الشرك المخرج من الملة هو ما يكون متعلقًا بجانب الاعتقاد في الربوبية، بحيث تنسب أفعال الربوبية على جهة الإطلاق لغير الله تعالى، فإذا فعل ذلك العبد استحق وصفه بالإشراك أما ما خلا ذلك فلا، ويظهر ذلك جليًا في تقريره لما يعتقده الصوفية من الغلو بالنبى - صلى الله عليه وسلم -، فحين يستغرق في وصفه - صلى الله عليه وسلم - نجده يخرج بتلك الأوصاف والمنزلة عن رتبة البشر، حيث يرى أن النبي قد خلق من نور الذات العلية هكذا بلا واسطة مادة، يقول: "اعلم أن الله كان في أزله لم يعرف لعدم وجود من يعرفه فأحب أن يعرف، فقبض قبضة من نوره أي بذاته والمراد أبرزه من غير واسطة مادة، وهذا المقبوض هو المسمى بالنور المحمدى وبروح الأرواح. . إلى آخر الأوصاف". (٢)

كما يثبت له منزلة الوساطة العظمى بين الله وخلقه، يقول: "فهو حجاب بين الله وبين خلقه فلا يمكن أحدًا الوصول لله الا بواسطته أو مانع المضار الدنيوية والأخروية عن أمته، ووصفه بالأعظم لأن الأنبياء حجب أيضًا لأممهم؛ فهو أعظمهم، وكذا الشيخ حجاب لتلميذه فتلك حجب خاصة، والمصطفى هو الحجاب الكلى ويسمى بالبرزخ الكلى لكونه حجابًا وبرزخًا بين الخلق وربهم". (٣)

ومن الخصائص التي يضفيها على النبي - عليه الصلاة والسلام - علم ليس لأحد من البشر سواه، يقول: "الملقن كل العلوم الغيبية التي نشأت عن ذى القدم سبحانه وتعالى، ومحل نبع علوم الأولين والآخرين". (٤)

ومما يصف به النبي أنه أصل كل خير، يقول: "وما من نعمة لله علينا سابقة ولاحقة من نعمة الإيجاد والإمداد في الدنيا والآخرة إلا وهو السبب في وصولها


(١) حاشية الخريدة: ٦٢.
(٢) حاشية الصلوات الدرديرية: ٣١.
(٣) المرجع السابق: ٣٥.
(٤) المرجع السابق: ٢٧.

<<  <   >  >>