للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومرة يفسره بأنه "الخالق لكل شيء". (١)

ويؤكد ذلك المعنى حين يفسر الشهادة على جهة الإجمال، يقول: "لا إله إلا الله: أي فالمراد بها الوصف بالوحدانية ولوازمها من كل كمال، والتنزيه عن كل نقص". (٢) وهذا ما فسر به قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: ١٩] يقول: "هذا مرتب على ما قبله، كأنه قال: إذا علمت أنه لا ينفع التذكر إذا حضرت الساعة فدم على ما أنت عليه من العلم بالوحدانية؛ فإنه النافع يوم القيامة". (٣)

ومع ما تقدم نجده في بعض المواضع يفسر الشهادة بإثبات العبودية لله تعالى، فيوافق السلف بذلك، يقول: "لا إله إلا الله تفيد ثبوت الألوهية لله أي: العبودية بحق. . . . فمعنى لا إله إلا الله المطابقى: لا معبود بحق إلا الله، ومعناها الالتزامى لا مستغن عن كل ما سواه ومفتقر إليه كل ما عداه إلا الله، فأولها تخلية، وآخر تحلية، والمنفى هو المعبود بحق غير الله في ذهن المؤمن وفى نفس الأمر، لا في ذهن الكافر" (٤)

لكن هذا المفهوم المطابقى لمعنى الشهادة لا يخرج عن كونه اعتقادًا علميًا يتعلق بإثبات العبادة لله تعالى على جهة الإجمال؛ إذ ينقصه الامتداد الشامل لكل أنواع العبادة، يقرب هذا موقفه من نواقض التوحيد، حيث يحصر إمكان وقوعها في الجانب الاعتقادى دون العملى إلا في بعض المواطن؛ لهذا نجده يمنع وقوع الشرك المضاد للتوحيد الا ممن اعتقد إثبات الشريك مع الله تعالى في ربوبيته، أو استحقاقه للعبادة (٥)، مؤصلًا بذلك لمذهبه الأشعري ونزعته الصوفية، يقول: "وهذه الصفة أي الوحدانية أهم الصفات؛ ولذا سمى علم التوحيد بها، ولم يكفر بضدها


(١) المرجع السابق: (٢/ ٣٤).
(٢) المرجع السابق: (١/ ٢٣٢).
(٣) المرجع السابق: (٤/ ٨٥). وانظر: (١/ ٢٣٢).
(٤) حاشية الجوهرة: ٤٤. وانظر: حاشية الخريدة البهية: ١٢٤. وانظر: حاشية الجلالين: (١/ ٢٣٢).
(٥) انظر الحاشية على الجلالين: (٢/ ٨٨).

<<  <   >  >>