للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمصر أمرًا بقتل على بك، إلا أن على بك كان مترقبًا لتحركات الدولة حيث علم بما تكنه من عداء لشخصه الطموح، لذلك فقد علم بحال الرسول وما أرسل به، فكلف رجاله بقتله، وأعلن أمام المماليك أن الدولة تأمر بقتلهم جميعًا، ولما تمتع به من فصاحة وقدرة على التأثير فقد استطاع أن يجلب المماليك لصفه، حينها أعلن استقلال مصر عن الدولة العثمانية وكان هذا أول انفراد حكمى يحظى به حاكم في مصر (١).

وعاشت مصر في ذلك الوقت في شبه استقلال من سيطرة العثمانيين، ولكن طموحات على بك لم تتوقف عند هذا الحد، فقد حملته أطماعه في احتلال عدد أكبر من الولايات على خوض عدد من المعارك والحروب كان لها أثر سيئ في إرهاق اقتصاد البلد، ولدفع هذه الاحتياجات عمد إلى فرض الضرائب الباهظة على قرى مصر فوق ما كانت تنوء به من نفقات الخراج، ولكل هذا فقد كان من الطبيعى أن تتصاعد صيحات الجماهير وتكثر شكاواها من ظلم النظام الحاكم (٢).

وفى سبيل تحقيق أطماعه التوسعية "فقد تخابر على بك مع قائد الدونانمة الروسية بالبحر المتوسط ليمده بالذخائر والأسلحة حتى يتم له استقلال مصر، فساعده القائد الروسى رغبة في وجود الحروب الداخلية في الدولة، وبذلك أمكن على بك فتح مدائن غزة ونابلس وأورشليم ويافا ودمشق" (٣).

ولكن تلك الأطماع لم تتوقف عند هذا القدر بل أخذ بالاستعداد للسير إلى حدود بلاد الأناضول وهناك أفل نجمه، إذ ثار عليه أحد بيكاوات المماليك وهو محمد بيك الشهير بأبى الذهب، فعاد على بك إلى مصر لمحاربته فانهزم، حيث وقع في الأسر مع أربعة من ضباط الروس، ثم لقى حتفه إثر ما أصابه من الجراح، وقطع رأسه وسلم مع الأربعة الضباط إلى الوالى العثمانى: خليل باشا (٤).


(١) انظر في تاريخ العرب الحديث: ١٦٨.
(٢) انظر موسوعة تاريخ مصر، أحمد حسين: (٣/ ٨٦٠).
(٣) تاريخ الدولة العلية العثمانية، محمد فريد بك: ١٥٩.
(٤) انظر المرجع السابق: ١٥٩.

<<  <   >  >>