للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أجمع السلف لدلالة هذه النصوص القطعية على فهمهم لحقيقة الإيمان بأنه قول وعمل، حيث قال: "اتفقت الصحابة والتابعون فمن بعدهم من أهل السنة على أن الأعمال من الإيمان لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}: فجعل الأعمال كلها إيمانًا". (١)

- ومن السنة المطهرة حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: (الإيمان بضع وسبعون، أو بضع وستون شعبة فأفضلها: قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان). (٢)

"فجعل الإيمان شعبًا: بعضها باللسان، والشفتين، وبعضها بالقلب، وبعضها بسائر الجوارح". (٣)

وهذا الذي ذكرته إنما هو بعض ما ورد في الكتاب والسنة وأقوال السلف - رضوان الله تعالى عليهم - وبهذا يعلم أن ما ذهب إليه الصاوي في تعريف الإيمان موافقة للأشعرية غير صحيح؛ إذ الإيمان كغيره من المصطلحات الشرعية التي صار لها حقيقة شرعية مقيدة لأصلها اللغوى كالصلاة والصيام والزكاة وغيرها، (٤) لذا كان الواجب على كل من أراد أن يعرف معنى الألفاظ القرآنية أن يرجع إلى تفسيرها عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام - رضوان الله عليهم -.

وفى بيان هذا يقول شيخ الإسلام: "مما ينبغى أن يعلم أن الألفاظ الموجودة في القرآن والحديث إذا عرف تفسيرها وما أريد بها من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - يحتج في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللغة ولا غيرهم، . . . . إلى أن قال: واسم الإيمان والإسلام والنفاق والكفر هي أعظم من هذا كله، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قد بين المراد


(١) شرح السنة: (١/ ٧٨).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الإيمان - باب أمور الإيمان، حديث رقم: ٩.
(٣) الإيمان لابن مندة: (١/ ٢٣٢).
(٤) الإيمان لشيخ الإسلام: ٢٨٣.

<<  <   >  >>