للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قال بهذا بعض كبار السلف كابن عباس - رضي الله عنهما - والحسن البصري، وابن سيرين (١) - رحمهما الله -. (٢)

هذا وقد توسطت طائفة من العلماء في تحديد العلاقة بينهما؛ نظرًا لوجود التلازم الواضح، كما يظهر ذلك من خلال تعريفهما، فذهبت إلى أن العلاقة بينهما تتمحور في إمكان ترادفهما حين الافتراق، وتغايرهما عند الاجتماع، لدلالة كل منهما على خصوصية معنى ليست في الآخر.

* * *

أما عن: رأي المتكلمين:

لقد اختلفت عبارات المتكلمين في بيان الفرق بين الإسلام والإيمان، فيرى الباقلانى أن الإيمان هو التصديق، والإسلام الانقياد، وعليه فكل مؤمن مسلم وليس العكس، ويبرهن على ذلك بأنه من المستحيل على المؤمن تركه للانقياد، أما المسلم فقد يكون منه انقياد بلا إيمان. (٣)

ولا يخفى ما في هذا من مناقضة لأصلهم في جعلهم العمل ثمرة للإيمان، وليس بلازم له.

هذا وتذهب غالبيتهم إلى عدم التفريق بينهما، حتى لا يعارض الأصل المجمع عليه عندهم من أن تارك العمل لا يكفر، مع وجود التصديق بما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحقيقة مذهبهم أن: "الإيمان والإسلام واحد، لأن الإسلام هو الخضوع والانقياد، بمعنى قبول الأحكام والإذعان، وذلك حقيقة التصديق". (٤)


(١) هو أبو بكر محمد بن سيرين البصري، كان أبوه عبدًا لأنس بن مالك - رضي الله عنه -، وكانت أمه صفية مولاة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، أحد الفقهاء من أهل البصرة عرف بالورع والتقوى في وقته، توفى سنة: ١١٠ هـ انظر: وفيات الأعيان: (٤/ ١٨٢).
(٢) انظر: الإيمان لابن مندة: ٣١١. وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائى: (٤/ ٨١٢).
(٣) انظر: الإنصاف: ٥٩.
(٤) العقائد النسفية: ١٥٩.

<<  <   >  >>