للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- أما عن مكانة الإيمان بها، فقد تقدم فرضيتها، وتكفير من أنكر واحد منها، إلا أن ما ذهب إليه الصاوي من استثناء إنكار منكر ونكير من موجبات الكفر، وتعليله ذلك بالاختلاف الواقع في أصل سؤال القبر مما لا سند له، بل الحق أنه: "قد تواترت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلًا، وسؤال الملكين، فيجب اعتقاد ثبوت ذلك والإيمان به" (١).

وليس في وجود من اعتقد خلاف ذلك ما يمنع من سحب مسمى الكفر عليه على جهة الإجمال؛ لأن إنكار أو رد أي أمر من الأمور التي تواتر الإخبار بها مما يلحق الكفر بصاحبه، ومع ذلك فقد وضع العلماء شروطًا مفصلة لتكفير المعين، وقد سبق الكلام في هذه المسألة. (٢)

ولعله قصد بالخلاف في هذه المسألة ما كان من بعض طوائف المعتزلة والخوارج، الذين حكى مذهبهم في ذلك ابن حزم - رحمه الله -، قائلًا: "ذهب ضرار بن عمرو الغطفاني أحد شيوخ المعتزلة إلى إنكار عذاب القبر، وهو قول من لقينا من الخوارج، وذهب أهل السنة وسائر المعتزلة إلى القول به" (٣).

وعلى أي حال فإن مثل هذا الخلاف من هؤلاء الطوائف لا يعتد به لمعارضته ما تواتر خبره عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

أما ذكره من أعمال كبار الملائكة فصحيح مشهور، وقبل بيان مستنده في ذلك يحسن الإشارة إلى الأصول التي يقوم عليها الإيمان بما اتصفت به الملائكة من أعمال:

أما الأصل الأول: فهو الإيمان المجمل بأنه تعالى قد كلفهم بمهام عظيمة وكثيرة، وأنهم قد قاموا بها على أتم ما يكون به الامتثال، قال تعالى: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا


(١) شرح الطحاوية: ٣٩٩.
(٢) راجع مبحث الأسماء والأحكام في فصل: آراؤه في الإيمان: ٣٠٠.
(٣) الفصل: (٤/ ٦٦).

<<  <   >  >>