للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في معتقد العبد، ومن تلك القواعد التي قام عليها الإيمان بهم: اعتقاد أن نبوتهم هي محض فضل من الله تبارك وتعالى وإصطفاء.

كما أن معرفتهم بما اتصفوا به من جميل الفعال، وكريم الخلال، في إطار المقدور البشرى، وما اختصوا به من مهام الدعوة كالبشارة والنذارة والتبليغ، وما يقتضيه ذلك من اتصافهم بالعصمة في التشريع، لتندرج في ضمن تلك الأسس التي يجب العلم بها، وحديث القرآن في هذا الباب واسع، والأدلة على هذا كثيرة:

ففى اعتقاد قيامهم بشؤون الدعوة من النذارة والبشارة، قوله تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: ١٦٥].

وقوله تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ} [الأحزاب: ٣٩].

وقوله: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: ٣٦].

أما عن الأدلة التي تضمنت بيان ما اتصفوا به فهى على نوعين، منها ما يبين صفاتهم البشرية التي لا تخرجهم عن كونهم من جنس البشر؛ حتى لا يؤدى الانبهار بعظيم ما اتخصوا به إلى اعتقاد مغايرتهم لجنس البشر، ومنها ما يظهر تميزهم عن سائر البشر، دون أن يؤثر في أصل انتمائهم إليهم (١)، وهذا مما يقتضيه قيامهم بشؤون الرسالة.

ففى تقرير بشريتهم، قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٧) وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ} [الأنبياء: ٧, ٨]).


(١) وهذا ما يسمى بالمقسم في علم المنطق، يعني أنه يفيد إظهار قسم من أقسام الأفراد الذين يندرجون تحت نوع واحد ببيان ما اختصوا به من صفات.

<<  <   >  >>