والقرآن في تقرير البراهين على تحققه؛ يؤكد على أن ذلك هو ما يقتضيه عدل الله تعالى، وحكمته البالغة؛ لهذا أتى الوعيد شديدًا في حق من أنكره وتجرأ على الله تعالى بنفى إمكانه، قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون: ١١٥، ١١٦].
ولمكانة هذا الأصل وماله من عظيم الثمرة والنفع، في إصلاح الفرد والمجتمع؛ فقد توالت الآيات الكريمة واستفاضت الأحاديث النبوية في ذكر تفاصيله وحكاية ما سيكون فيه من أحداث ومهام، وما سينتهى به من خلود في الجنة أو النار، مع وصف كامل لتلك المراحل الأخروية، واستفاضة في بيان مآل المؤمنين والكافرين.
هذا والحديث في بيان ثمرة الإيمان باليوم الآخر؛ حديث عظيم ذو شجون، ولا يخفى للمتفكر فيما يجنيه التفصيل الآنف من تأكيد للإيمان بذلك اليوم، ومن ثم الاستعداد المنبغى له بفعل الخيرات، والبعد عن المعاصى الموبقات.
يقول الشيخ السعدى - رحمه الله - موجهًا الأنظار إلى هذه الفوائد العظام:"إن الإيمان باليوم الآخر أحد أركان الإيمان الستة، التي لا يصح الإيمان بدونها، وكلما ازدادت معرفته بتفاصيله؛ ازداد إيمان العبد به، ثم إن في "معرفة ذلك حقيقة المعرفة ما يفتح للإنسان باب الخوف والرجاء، اللذين إن خلا القلب منهما خرب كل الخراب، وإن عمر بهما أوجب له الخوف والانكفاف عن المعاصى، والرجاء تيسير