للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما عن نزول المسيح - عليه السلام -، فإنه يرى إمكان تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: ١٥٩] بنزول عيسى وإيمان الناس به أو بفتنة آحاد أهل الكتاب به عند الموت، يقول: "روى أن اليهودى إذا حضره الموت ضربت الملائكة وجهه ودبره وقالوا له: يا عدو الله أتاك عيسى نبيًا فكذبت به، فيقول: آمنت بأنه عبد الله ورسوله، ويقال للنصرانى: أتاك عيسى نبيًا فزعمت أنه الله وابن الله، فيقول: آمنت بأنه عبد الله، فأهل الكتاب يؤمنون به ولكن لا ينفعهم إيمانهم؛ لحصوله وقت معاينة العذاب.

أما التفسير الثاني؛ فيقول وهناك "تفسير آخر وهو صحيح المعنى أن عيسى حين ينزل إلى الأرض ما من أحد يكون من اليهود أو النصارى أو ممن يعبد غير الله إلا آمن بعيسى حتى تصير الملة كلها إسلامية" (١)

وكان تفسيره لقوله تعالى: {أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} [الأنعام: ١٥٨] بأن المراد بها طلوع الشمس من مغربها هو الصحيح الذي عليه غالب أهل العلم.

يقول: "ورد أن رسول الله قال يومًا: (أتدرون أين تذهب هذه الشمس إذا غربت؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: إنها تذهب إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة، فلا تزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعى فارجعى من حيث شئت، فتصبح طالعة من مطلعها، وهكذا كل يوم، فإذا أراد الله أن يطلعها من مغربها حبسها، فتقول: يا رب إن مسيرى بعيد، فيقول لها: اطلعى من حيث غربت، فقال الناس: هل لذلك من آية، فقال: آية تلك الليلة أن تطول قدر ثلاث ليالٍ، فيستيقظ الذين يخشون ربهم فيصلون ثم يقضون صلاتهم والليل مكانه لم ينقص، ثم يأتون مضاجعهم حتى إذا استيقظوا والليل مكانه؛ خافوا أن يكون ذلك بين يدى أمر عظيم، فإذا أصبحوا طال عليهم طلوع الشمس فبينما هم ينتظرونها إذ طلعت عليهم من قبل المغرب" (٢).


(١) المرجع السابق: (١/ ٢٤٢).
(٢) المرجع السابق: (٢/ ٥٤).

<<  <   >  >>