للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الشق الثاني من الجزاء وهو النعيم: فيبين أولًا كيفيته، فيقول: "أي وصول النعيم للمؤمنين في القبور".

ولما كان النعيم محض فضل المولى تعالى، وكان فضله تعالى سابغًا فليس يقتصر على المكلفين، كالعذاب، فإن الصحيح فيه كما يرى الصاوي أنه: "لا يختص بهذه الأمة ولا بالمكلفين".

والحديث في بيان هيئته يطول، لذا فإنه تكفى الإشارة إلى بعض صوره فـ "من جملته: توسيعه، وفتح طاقة فيه من الجنة، وجعله روضة من رياضها، وتصوير عمله بصورة حسنة تؤانسه". (١)

ولعظيم ما يراه المؤمن والكافر كليهما في حياة البرزخ "فإن من مات على الإيمان تمنى عدم العود إلى الدنيا، لأن عالم البرزخ في اتساعه بالنسبة للدنيا، كالدنيا بالنسبة لبطن الأم.

أما إن مات على الكفر والعياذ بالله، تمنى العود إلى الدنيا، لما يرى من ضيق برزخه وعذابه". (٢)

تعليق:

تقدم الحديث عن مكانة الإيمان بالبرزخ في عقيدة المؤمن، أما ما يتبع ذلك من التفاصيل، فقد كان كلام الصاوي في هذا المجال مستوعبًا لأهم ما يجب الحديث فيه من المسائل المتعلقة بالبرزخ، وما فيه من نعيم وعذاب، ومع هذا فقد كان ينقصه الاستدلال على بعض ما ذكر، والعزو لما يستدل به من الأخبار في البعض الآخر. وسأتناول أهم النقاط في ذلك:

أولًا: الإيمان بفتنة القبر وسؤال الملكين، فقد دلت عليه أحاديث كثيرة صحيحة وقد أوردت بعضها فيما سبق، ولكن تسمية الملكين اللذين ورد ذكرهما في الحديث


(١) حاشية الجوهرة: ٥٩.
(٢) حاشية الجوهرة: ٥٦.

<<  <   >  >>