للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالولاية عند أهل السنة والجماعة لها جانبان: أحدهما من جهة العبد؛ قيامًا بأمر الله تعالى؛ طاعة وامتثالًا لما جاء به؛ واجتنابًا لما نهى عنه، ثم يكون التدرج في مراقى التقرب إلى الله تعالى ظاهرًا وباطنًا، كما جاء في الحديث: (ولا يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه) (١).

والجانب الآخر هو الذى يكون من جهة الرب تبارك وتعالى؛ جزاء لما كان من العبد، فيتولاه المولى بالقرب والرحمة.

ومع وضوح مفهوم الولاية عند سلف الأمة، فقد خالف في ذلك الكثير من الطوائف المبتدعة، وكان على رأسها طائفة الصوفية، التي نحن الآن بصدد الحديث عنها، فقد غلت في هذا المقام غلوًا أبعد بها عن مقتضى الأمر بالاستقامة، الذي هو أساس الدين، حتى أنه حين سئل النبي عن قول في الإسلام يكون جامعًا لأسسه، قال - عليه الصلاة والسلام -: (قل آمنت بالله ثم استقم) (٢).

فصارت الولاية عند أكثرهم مرتبة لا ينالها إلا أهل الكرامات وخرق العادات، فليس صلاح الظاهر والاستقامة على الشريعة الغراء هو دليل تحققها للعبد، بل الترقى في مقامات الفناء والبقاء هو السبيل الأوحد إليها، والذي به تحصل الكرامات المنشودة، فتنكشف الأسرار وتتخطى النفس حجب المادة؛ لتسبح في عالم الملكوت، وتشارك في تصريف الكون، وكل هذا بإذن الله! .

* * *


(١) كتاب التوحيد - باب ويحذركم الله نفسه، رقم الحديث: ٦٩٧٠.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الإيمان - باب جامع أوصاف الإسلام، رقم الحديث: (٢/ ٩).

<<  <   >  >>