للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالدليل، والخاصة على ثلاثة أقسام: شهود أفعال وهى للأبرار، وشهود أسماء وصفات، وهى للأخيار، وشهود ذات، وهى لخيار الخيار (١) " (٢).

ولتشدد المذهب الأشعرى في قصر معرفة الله تعالى على العقل؛ فقد حاول الصاوى التوسط بين المسلكين، حيث حكم على من ترك الاستدلال بالعقل مع القدرة عليه بالعصيان، يقول: "والحق الذي عليه المعول، أنه مؤمن عاصٍ بترك النظر، إن كان فيه أهلية" (٣)، وقد يشعر هذا الموقف منه بالتناقض؛ إذ كيف يعلى من شأن أهل المعرفة الإشراقية على غيرهم من أهل الدليل، ويجعلهم من جملة الخواص، ثم يحكم على من ترك الاستدلال بالمعصية؟ وعلى كل فهذا هو حال كل من اعتمد العقل كمصدر يقدم على غيره من مصادر التلقى المعتبرة (٤).

ثانيًا: يرى الصاوى أن حجية الاستدلال بالإلهام عنده لا تقتصر على اعتماده في مثل ما تقدم مما لا جدال في أحقيته، بل إنه لينص على صحة الاستناد إليه في تفسير النصوص الشرعية، بعيدًا عن قواعد المفسرين المعتمدة عند سلف الأمة، ومن هنا ظهر تفسيره لبعض الآيات الكريمة بطريقة التفسير الإشارى، ولتقرير منهجه في ذلك، يقول في تأويل النهى الوارد بخصوص من تصدى للتفسير دون علم، حيث رأى توجيهه للعوام دون الخواص في اصطلاح الصوفية: "فالمراد بالعوام علماء الظاهر، ليس لهم خوض في القرآن إلا بالمنطوق، وتكلمهم بالعلوم الإشارية، التي هي للخواص فضول منهم؛ فالتكلم في اللطائف لغير الأولياء فضول منهم" (٥).

* * *


(١) انظر: مناقشة آرائه في وحدة الشهود: ٧٣٧.
(٢) الحاشيه على الصلوات الدرديرية: ٦٩.
(٣) حاشية جوهرة التوحيد: ١١.
(٤) انظر: مبحث المعرفة: ٨٩.
(٥) انظر: مبحث آراؤه في القرآن: ٣٨٢.

<<  <   >  >>