للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الواقدي : قاتلتْ - أي أم عمارة - يوم أُحد وجُرحت اثنتي عشرة جراحة، وداوت جرحًا في عنقها سنة، ثم نادى منادي رسول الله إلى حمراء الأّسد فشدّت عليها ثيابها، فما استطاعت من نزف الدم.

وعن محمد بن إسحاق قال: حضرتْ البيعة بالعقبة امرأتان قدْ بايعتا: إحداهما نَسِيبة بنت كعب (١)، وكانت تشهد الحرب مع رسول الله ، شهدت معه أُحدًا، وخرجت مع المسلمين بعد وفاة رسول الله في خلافة أبي بكر في الردة، فباشرت الحرب بنفسها حتى قتل الله مسيلمة، ورجعت وبها عشر جراحات من طعنة وضربة. [صفة الصفوة ٢/ ٤٢٦].

• وقال ابن الجوزي : قال علماء السير: فلم تزل الحرب إلى قبيل مقتل ابن الزبير (٢)، فتفرق عامة أصحابه وخذلوه، وخرج عامة أهل مكة إلى الحجاج في الأمان حتى ذُكر أن ولديه حمزة وحبيب أخذوا لأنفسهما أمانًا، فدخل عبد الله بن الزبير على أمه أسماء حين رأى من الناس ما رأى من الخذلان، فقال لها: خذلتني الناس حتى ولدي وأهلي، فلم يبق معي إلا من ليس عنده من الدفع أكثر من ساعة والقوم يعطونني ما أردت من الدنيا، فما رأيك؟ فقالت: أنت والله يا بني أعلم بنفسك، إن كنت تعلم أنك على حق وإليه تدعو فامض له، وقد قتل عليه أصحابك، ولا تمكن من رقبتك فينقلب بها غلمان بني أمية، وإن كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت، أهلكت نفسك وأهلكت من قتل معك. وإن قلت: كنت على الحق فلما وهن أصحابك ضعفت، فليس هذا فعل الأحرار ولا أهل الدين، وكم خلودك في الدنيا! القتل أحسن.

فدنا ابن الزبير فقبل رأسها وقال: هذا والله رأيي، والذي قمت به ما ركنت إلى الدنيا ولا أحببت الحياة فيها، وما دعاني إلى الخروج إلا


(١) هي أم عمارة.
(٢) وذلك أن عبد الملك بن مروان بعث الحجاج بن يوسف لقتال عبد الله بن الزبير، فحاصره وهو في المسجد الحرام في مكة ثمانية أشهر.

<<  <   >  >>