قال بعض السلف: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنَها من عند الله فيرضى ويسلِّم. فهذا وجه احتجاج آدم بالقدر: ومعاذ الله أن يَحتج آدم، ومن هو دونه من المؤمنين على المعاصي بالقدر. فإنه لو ساغ هذا لساغ أن يَحتج إبليس ومن اتبعه من الجن والإنس بذلك، ويَحتج به قوم نوح وعاد وثَمود وسائر أهل الكفر والفسوق والعصيان، ولم يعاقب ربنا أحدًا، وهذا مِمَّا يعلم فساده بالاضطرار شرعًا وعقلًا. فإن هذا القول لا يطرده أحد من العقلاء، فإن طرده يوجب أن لا يلام أحد على شيء، ولا يعاقب عليه. وهذا المحتجُّ بالقدر: لو جنَى عليه جان لطالبه. فإن كان القدر حجة للجاني عليه. وإلا فليس حجة لا لهذا ولا لِهذا. ولو كان الاحتجاج بالقدر مقبولًا: لم يُمكن للناس أن يعيشوا، إذ كان لكل من اعتدى عليهم أن يَحتج بذلك، فيقبلوا عذره ولا يعاقبوه، ولا يمكن اثنان من أهل هذا القول أن يعيشا، إذ لكل منهما أن يقتل الآخر، ويفسد جميع أموره، محتجًّا على ذلك بالقدر. اقتضاء الصراط المستقيم / ٦٢٢ - ٦٢٤.