الأمة لا تجتمع على ضلالة، وأن من رآه المسلمون فاجرًا أو منافقًا أو مُبطلاً، فهو كذلك، وأنَّ من كان طائفةٌ من الأُمة تُضَلِّلُه، وطائفةٌ من الأُمة تُثني عليه وتبجِّلُه، وطائفة ثالثة تقفُ فيه وتتورَّع من الحطِّ عليه، فهو ممَّن ينبغي أن يعرَض عنه، وأن يُفَوَّضَ أمرُه إلى الله، وأن يستغفَرَ له في الجملة، لأن إسلامَهُ أصليٌّ بيقين، وضلاله مشكوك فيه، فبهذا تستريحُ ويصفو قلبُك من الغِلِّ للمؤمنين.
ثم اعلم أنَّ أهل القبلة كلَّهم، مؤمنَهم وفاسقَهم وسُنِّيَّهُم ومبتدِعَهُم - سوى الصحابة - لم يجمعوا على مسلم بأنَّه سعيد ناجٍ، ولم يُجمعوا على مسلم بأنه شقي هالك، فهذا الصِّديق فرد الأمَّة، قد علمتَ تفرُّقهم فيه وكذلك عمر، وكذلك عثمان، وكذلك عليّ، وكذلك ابن الزبير، وكذلك الحجاج، وكذلك المأمون، وكذلك بشر المَرِيسيّ، وكذلك أحمدُ بن حنبل والشافعيّ، والبُخاريّ، والنَّسائيّ، وهلمَّ جرًّا من الأعيان في الخير والشر إلى يومك هذا، فما من إمامٍ كامل في الخير إلا وثمَّ أناسٌ من جهلة المسلمين ومبتدعيهم يذمُّونه ويحطُّون عليه، وما من رأس في البدعة والتجهم والرَّفضِ إلا وله أناس ينتصرون له، ويَذُبُّون عنه، ويَدينون بقوله بهوىً وجهل، وإنما العبرة بقول جمهور الأمة الخالين من الهوى والجهل المتصفين بالورع والعلم. [السير (تهذيبه) ٣/ ١١٥٨، ١١٥٩].
• وقال أيضًا ﵀: ولو أن كلَّ من أخطأ في اجتهاده - مع صحة إيمانه، وتوخِّيه لاتِّباع الحقّ - أهدرناه، وبَدَّعناه، لقلَّ منْ يَسْلَم من الأئمة معنا، رحم الله الجميع بمَنِّه وكَرَمِه. [السير (تهذيبه) ٣/ ١١٦٢].
[(حـ) موقف السلف من الصحابة]
• عن ابن عباس ﵄ قال: رأيت رسول الله ﷺ في النوم أشعث أغبر، بيده قارورتان فيهما دم، فقلت: يا رسول الله ما هذا؟ فقال: دم الحسين وأصحابه، لم أزل ألتقطه منذ اليوم، قال: فنظروا فإذا الحسين قد قتل في ذلك اليوم. [موسوعة ابن أبي الدنيا / ٣/ ٨٤].