وليس الذم راجعًا إلى مكان الدنيا الذي هو الأرض التي جعلها الله لبني آدم مهادًا ومسكنًا، ولا إلى ما أودع الله فيها من الجبال والبحار والأنهار والمعادن، ولا إلى ما أ، بته فيها من الزرع والشجر، ولا إلى ما بثّ فيها من الحيوانات وغير ذلك، فإن ذلك كله من نعمة الله على عباده بما لهم فيه من المنافع، ولهم به من الاعتبار والاستدلال على وحدانية صانعه وقدرته وعظمته، وإنما الذمّ راجع إلى أفعال بني آدم الواقعة في الدنيا، لأن غالبها واقع على غير الوجه الذي تحمد عاقبته، بل يقع على ما تضرّ عاقبته، أو لا تنفع كما قال ﷿: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا﴾. جامع العلوم والحكم / ٣٩٢، ٣٩٣