والفرح بالنعمة قد ينسيه المُنْعِم، فيشتغل بالخَلْعة التي خلعها عليه عنه، فيطفح عليه السرور، حتى يغيب بنعمته عنه، وهنا يكون المكر إليه أقرب من اليد للفم. ومما يدل على أن الفرح من أسباب المكر ما لم يقارنه خوف: قوله تعالى ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ﴾ [الأنعام: ٤٤] وقال قوم قارون له ﴿لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾ [القصص: ٧٦]. فالفرح متى كان بالله، وبما مَنَّ الله به، مقارِنًا للخوف والحذر: لم يضرَّ صاحبه، ومتى خلا عن ذلك: ضره ولا بُدَّ. ا. هـ بتصرف. مدارج السالكين ٣/ ٦٠٨