• عن ابن عباس ﵁ قال: لما قُبِض رسول الله ﷺ قلت لرجل من الأنصار: هلمّ، فلنسأل أصحاب رسول الله ﷺ، فإنهم اليوم كثير، فقال: واعجبًا لك يابن عباس! أترى الناس يفتقرون إليك وفي الناس من أصحاب رسول الله ﷺ من فيهم؟ قال: فتركت ذلك، وأقبلت أسأل أصحاب رسول الله ﷺ عن الحديث، فإن كان ليَبلُغني الحديث عن الرجل، فآتي بابه وهو قائل، فأتوسَّد التراب، فيخرج فيراني فيقول: يابن عمّ رسول الله، ما جاء بك؟ ألا أرسلت إلي فآتيك؟ فأقول: لا، أنا أحقّ أن آتيك فأسألك عن الحديث فعاش ذلك الفتى الأنصاري حتى رآني، وقد اجتمع الناس حولي يسألوني فيقول: هذا الفتى كان أعقل مني (أخرجه الطبراني). [صفة الصفوة ١/ ٣٦٩].
• وقال ﵁: ذَلَلْتُ طالبًا، فعزَزْتُ مطلوبًا، وكان يقول: وجدتُّ عامّة عِلْم رسول الله ﷺ عند هذا الحيّ من الأنصار، إنْ كنتُ لأَقِيل بباب احدهم
(١) قال ابن القيم ﵀: وكمالُ كلِّ إِنسانٍ إنَّما يَتِمُّ بهذين النَّوعين، هِمَّةٌ تُرقِّيهِ، وعلمٌ يُبصِّرهُ ويَهديهِ؛ فإنّ مَراتَب السَّعادَةِ والفَلاحِ إنَّما تفوتُ العَبدَ من هاتَين الجهتَين، أو مِن إحداهُما، إِمَّا أنْ لا يكونَ له علمٌ بها، فلا يتحرَّكُ في طَلَبها، أو يكونَ عالمًا بها ولا تنهَضُ همَّتُهُ إليها، فلا يَزالُ في حضيضِ طَبعه محبوسًا، وقلبُهُ عن كمالهِ الذي خُلِقَ له مصدودًا منكوسًا، قد أسامَ نفسَهُ مع الأنعامِ راعيًا مع الهَمَلِ، واستطابَ لُقَيماتِ الرَّاحَةِ والبطالَةِ، واسْتَلَانَ فِراشَ العجزِ والكَسَلِ، لا كَمَن رُفِعَ له عَلَمٌ فشمَّرَ إليه، وبُورِكَ له في تفرُّدهِ في طريقِ طلبهِ، فَلَزِمهُ واستقامَ عليه، قَد أَبَتْ غَلَباتُ شوقِهِ إلاّ الهجرَةَ إلى الله ورسولهِ، ومقَتَتْ نفسُهُ الرُّفقاء إلاّ ابنَ سبيلٍ يُرافِقهُ في سبيلهِ. مفتاح دار السعادة ١/ ٢١٤، ٢١٥