وعزتك وجلالك، ما أردت بمعصيتي مخالفتك، وقد عصيتك وما أنا بنكالك جاهل، ولكن خطيئة عرضت، وأعانني عليها شقائي، وغرني سترك المرخي عليّ، وقد عصيتك بجهدي، وخالفتك بجهلي، فالآن من عذابك من يستنقذني؟ وبحبل من أتصل إن أنت قطعت حبلك، واشباباه، واشباباه.
قال: فلما فرغ من قوله تلوت آية من كتاب الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: ٦]
فسمعت دكدكة لم أسمع بعدها حسًا، فمضيت فلما كان من الغد رجعت في مدرجتي فإذا أنا بجنازة قد أخرجت، وإذا أنا بعجوز قد ذهب متنها - يعني قوتها - فسألتها عن أمر الميت - ولم تكن عرفتني - فقالت: هذا رجل لا جزاه إلا جزاءه مر بابني البارحة وهو قائم يصلي فتلا آية من كتاب الله تعالى فتفطرت مرارته فوقع ميتًا، رحمه الله تعالى. [الحلية (تهذيبه) ٣/ ٢٢١].
[(هـ) فوائد أخرى]
• سَمِع أعرابيّ ابنَ عباس ﵁ وهو يقرأ ﴿وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا﴾ [آل عمران: ١٠٣] فقَال: والله ما أنقذهم منها وهو يُريد أن يُدخِلَهم فيها، فقال ابن عباس: خُذْها من غير فقيه. [عيون الأخبار ٢/ ٥٣٣].
• وعن هشام، عن الحسن البصري ﵀ في قوله ﷿: ﴿هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ﴾ [الحاقة: ١٩، ٢٠] قال: إن المؤمن أحسن الظن بربه، فأحسن العمل، وإن المنافق أساء الظن فأساء العمل. [الحلية (تهذيبه) ١/ ٣٣١].
• وعن معاوية بن قرة قال: دخلت على مسلم بن يسار ﵀ فقلت: ما عندي كبير عمل، إلا أني أرجو الله وأخاف منه. قال: ما شاء الله! من خاف من شيء حذر منه، ومن رجا شيئًا طلبه، وما أدري ما حسب خوف عبد عرضت له شهوة فلم يدعها لما يخاف، أو ابتلى ببلاء فلم يصبر عليه لما يرجو، قال معاوية: فإذا أنا قد زكيت نفسي وأنا لا أعلم. [الحلية (تهذيبه) ١/ ٣٩٤].