(٢) قال ابن الجوزي ﵀ في تلبيس إبليس: وقد لبس إبليس على جماعة من المتعبدين فأكثروا من صلاة الليل، وفيهم من يسهره كله ويفرح بقيام الليل وصلاة الضحى أكثر مما يفرح بأداء الفرائض، ثم يقع قبيل الفجر فتفوته الفريضة أو يقوم فيتهيأ لها فتفوته الجماعة، أو يصبح كسلان فلا يقدر على الكسب لعائلته، ولقد رأيت شيخًا من المتعبدين يقال له حسين القزويني يمشي كثيرا من النهار في جامع المنصور فسألت عن سبب مشيه فقيل لي: لئلا ينام فقلت: هذا جهل بمقتضى الشرع والعقل؛ أما الشرع فإن النبي ﷺ قال: (إن لنفسك عليك حقا فقم ونم) .... وأما العقل فإن النوم يجدد القوى التي قد كلَّت بالسهر، فمتى دفعه الإنسان وقت الحاجة إليه أقر في بدنه وعقله فنعوذ بالله من الجهل.
فإن قال قائل: فقد رويتَ لنا أن جماعة من السلف كانوا يحيون الليل. فالجواب: أولئك تدرجوا حتى قدروا على ذلك وكانوا على ثقة من حفظ صلاة الفجر في الجماعة، وكانوا يستعينون بالقائلة مع قلة المطعم وصح لهم ذلك، ثم لم يبلغنا أن رسول الله ﷺ سهر ليلة لم ينم فيها فسُنَّته هي المتبوعة. تلبيس إبليس: ١٥٩