منها: تكفير الخطايا بها، والثواب على الصبر عليها، وهل يثاب على البلايا بنفسه؟ فيه اختلاف بين العلماء. ومنها: تذكير العبد بذنوبه فربما تاب ورجع منها إلى الله ﷿. ومنها: زوال قسوة القلوب وحدوث رقتها. ومنها: انكساره لله ﷿ وذله له، وذلك أحب إلى الله من كثير من طاعات الطائعين.
ومنها: أنها توجب للعبد الرجوع بقلبه إلى الله ﷿، والوقوف ببابه والتضرع له والاستكانة، وذلك من أعظم فوائد البلاء، وقد ذم الله من لا يستكين له عند الشدائد، قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾ … [المؤمنون: ٧٦] وقال: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَاسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ﴾ [الأنعام: ٤٢]. ومنها: أن البلاء يوصل إلى قلبه لذة الصبر عليه أو الرضا به، وذلك مقام عظيم جدًّا، وقد تقدمت الإشارة إلى فضل ذلك وشرفه. ومنها: أن البلاء يقطع قلب المؤمن عن الالتفات إلى مخلوق ويوجب له الإقبال على الخالق وحده. وقد حكى الله عن المشركين إخلاص الدعاء له عند الشدائد فكيف بالمؤمن؟! فالبلاء يوجب للعبد تحقيق التوحيد بقلبه، وذلك أعلى المقامات وأشرف الدرجات. ومنها: أن المؤمن إذا استبطأ الفرج ويئس منه ولا سيما بعد كثرة دعائه وتضرعه ولم يظهر له أثر الإجابة، رجع إلى نفسه باللائمة ويقول لها: إنما أتيت من قبلك ولو كان فيك خير لأجبت. وهذا اللوم أحب إلى الله من كثير من الطاعات فإنه يوجب انكسار العبد لمولاه، واعترافه له بأنه ليس بأهل لإجابة دعائه فلذلك يسرع إليه حينئذ إجابة الدعاء وتفريج الكرب، فإنه تعالى عند المنكسرة قلوبهم من أجله، على قدر الكسر يكون الجبر. الجامع المنتخب / ٢١٠ - ٢١٣