• وعنه أيضًا ﵀ أنه قال: ما رأيت أكرم من المأمون، بتّ عنده ليلة فعطش، فكره أن يصيح بالغلمان، فرأيته قد قام قليلًا قليلًا إلى البرادة وبينه وبينها بعد، فشرب ورجع.
قال يحيى بن أكثم: ثم بت عنده ونحن بالشام، فأخذ المأمون سعال، فرأيته يسدّ فاه بكم قميصه حتى لا أنتبه. ثم حملني آخر الليل النوم، فكان له وقت يستاك فيه، فكره أن ينبهني، فلما ضاق الوقت عليه تحركت. فقال: الله أكبر يا غلمان، نعل أبي محمد.
قال يحيى: وكنت أمشي معه يومًا في ميدان البستان والشمس عليّ وهو في الظل، فلما رجعنا قال لي: كن الآن في الظل. فأبيت عليه، فقال: أول العدل أن يعدل الملك في بطانته ثم الذين يلونهم حتى يبلغ الطبقة السفلى. [المنتظم ١٠/ ٦٣].
• وقال عبد الله بن طاهر: كنا عند المأمون يوما فنادي بالخادم: يا غلام، فلم يجبه أحد، تم نادي ثانيا وصاح: يا غلام، فدخل غلام تركي وهو يقول: ما ينبغي للغلام أن يأكل ولا يشرب، كلما خرجنا من عندك تصيح: يا غلام يا غلام، إلى كم يا غلام؟! فنكس المأمون رأسه طويلا، فما شككت أنه يأمرني بضرب عنقه، ثم نظر إلي فقال: يا عبد الله إن الرجل إذا حسُنت أخلاقه ساءت أخلاق خدمه، وإذا ساءت أخلاقه حسنت أخلاق خدمه، وإنا لا نستطيع أن نسيء أخلاقنا لنحسن أخلاق خدمنا. [المستطرف / ١٦٦].
• وقال بعضهم:[عيون الأخبار ٣/ ١٥٧].
لا تسأَلِ المرءَ عن خلائقه … في وجههِ شاهدٌ من الخَبرِ
• وعن منصور بن عمار قال: دخل رجلٌ من الزهاد على هارون الرشيد ﵀ يومًا، فقال: يا هارون، اتق الله، فأخذه فخلا به، وقال: يا هذا أنصفني، أنا شرٌ أم فرعون؟ قال: بل فرعون، قال: فأنت خير أم موسى؟ قال: بل موسى، قال: أفما تعلم أن الله تعالى لما بعثه وأخاه إليه قال: ﴿فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا﴾ [طه: ٤٤] وقد جبهتني بأغلظ الألفاظ، فلا بأدب الله