للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• وعن نهشل بن كثير عن أبيه قال: دخل الشافعي يومًا إلى بعض حجر هارون الرشيد واستأذن له عليه فأقعده الخادم عند أبي عبد الصمد مؤدب أولاد الرشيد، قال له: يا أبا عبد الله، هؤلاء أولاد أمير المؤمنين وهذا مؤدبهم، فلو أوصيته، فأقبل على أبي عبد الصمد، فقال له: ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح أولاد أمير المؤمنين إصلاحك نفسك فإن أعينهم مغفورة (١) بعينك، فالحسن عندهم ما تستحسنه، والقبيح عندهم ما تستقبحه، علمهم كتاب الله، ولا تكرههم عليه فيملوه، ولا تتركهم فيهجروه، ثم زدهم من الشعر أعفّه ومن الحديث أشرفه، ولا تخرجنهم من علم إلى غيره حتى يتقنوه، فإن ازدحام الكلام في المسمع مُصدّ للفهم. [المنتظم ١٠/ ١٣٩، ١٤٠].

• وقال بشر مولى هشام: تفقد هشام بن عبد الملك بعض ولده لم يحضر الجمعة، فقال له: ما منعك؟ فقال: نَفَقَتْ دابتي، قال: وعجزت عن المشي فتركت الجمعة؟! فمنعه الدابة سنة. [المنتظم ٧/ ٩٨].

• وعن أبي بُديل الوضاحي أنه قال: كان المأمون قد وكل الفراء يلقن ابنيه النحو، فلما كان يومًا أراد الفراء أن ينهض إلى بعض حوائجه، فابتدرا إلى نعل الفراء يقدمانه له، فتنازعا أيهما يقدمه، ثم اصطلحا على أن يقدم كل واحد منهما فردًا، فقدماها، وكان المأمون له على كل شيء صاحب خبر، فرفع ذلك إليه في الخبر، فوجّه إلى الفراء فاستدعاه، فلما دخل عليه قال له: منْ أعز الناس؟ قال: ما أعرف أعز من أمير المؤمنين قال: بلى، من إذا نهض تقاتل على تقديم نعليه وليا عهد المسلمين، حتى رضي كل واحد منهما أن يقدم فردًا. قال: يا أمير المؤمنين، لقد أردت منعهما من ذلك، ولكن خشيت أن أدفعهما عن مكرمة سبقا إليها، أو أكسر نفوسهما عن شريفة حرصا عليها، وقد يروى عن ابن عباس أنه أمسك للحسن والحسين ركابيهما حين خرجا من عنده، فقال له بعض من حضر: أتمسك لهذين الحديثين ركابيهما وأنت أشرف منهما؟ قال له: اسكت يا جاهل، لا يعرف الفضل


(١) لم أجد في القواميس لهذه الكلمة من معنى.

<<  <   >  >>