للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالثة قلت له: يا أبة أيّ شيء هذا قد لهجْتَ به في هذا الوقت؟ تعرق حتى نقول: قد قضيت. ثم تعود، فتقول: لا بعد لا بعد.

فقال لي: يا بنيّ ما تدري ما قلت؟ قلت: لا. فقال: إبليس لعنه الله قائم حذائي عاضّ على أنامله يقول لي: يا أحمد فتّني. فأقول: لا بعد لا بعد حتى أموت. [صفة الصفوة ٢/ ٦١٥].

• وعن محمد بن إسحاق بن راهويه. قال: سمعت أبي يقول: لولا أحمد بن حنبل وبذل نفسه لما بذلها له لذهب الإسلام. [الحلية (تهذيبه) ٣/ ١٤٠].

• وعن إبراهيم بن محمد بن الحسن يقول: أدخل أحمد بن حنبل على الخليفة - وكانوا هولوا عليه، وقد كان ضرب عنق رجلين - فنظر أحمد إلى أبي عبد الرحمن الشافعي فقال: أي شيء تحفظ عن الشافعي في المسح؟ فقال ابن أبي دؤاد: انظروا رجلاً هو ذا يقدم لضرب عنقه، يناظر في الفقه. [الحلية (تهذيبه) ٣/ ١٤٧].

• وعن الربيع بن سليمان قال: رأيت البويطي على بغل، وفي عنقه غِل، وفي رجليه قيد، وبين الغل والقيد سلسلة حديد، وفيها طوبة وزنها أربعون رطلاً، وهو يقول: إنما خلق الله الخلق بكُنْ، فإذا كانت كُنْ مخلوقة، فكان مخلوقًا خلق مخلوقًا، فوالله لأموتن في حديدي هذا حتى يأتي من بعدي قوم يعلمون أنه قد مات في هذا الشأن قوم في حديدهم، ولئن أدخلت إليه لأصدقنه - يعني الواثق -، قال الربيع: وكتب إليَّ من السجن يقول: إنه ليأتي علي أوقات لا أحس بالحديد أنه على بدني حتى تمسه يدي فإذا قرأت كتابي هذا فأحسن خُلُقَك مع أهل حلقتك، واستوصِ بالغرباء خاصة خيرًا، فكثيرًا ما كنت أسمع الشافعي يتمثل بهذا البيت (١):


(١) قال ابن القيم عن هذا البيت: وغلط هذا القائل؛ فإن ذلك لا يصلح إلا لله وحده؛ فإنه كلما أهان العبد نفسه له أكرمه وأعزه، بخلاف المخلوق، فإنك كلما أهنت نفسك له ذللت عند الله وعند أوليائه وهِنتَ عليه. إغاثة اللهفان ١/ ١٩٨.

<<  <   >  >>