قال: وما دليلك؟ قال: إجماع الأمة. قال: فكما رضيت بإجماعهم في التنزيل فارض بإجماعهم في التأويل. قال: صدقت، السلام عليك يا أمير المؤمنين. [المنتظم ١٠/ ٥٦].
• وقال المأمون ﵀ لمُرْتدٍّ إلى النصرانية: خَبِّرنا عن الشيء الذي أوحشَكَ من ديننا بعد أَنسِك به واستِيحاشِك ممّا كنتَ عليه، فإن وجدتَ عندنا دَواءَ دَائِك تعالجتَ به، وإن أَخطَأ به الشِّفَاءُ ونَبَا عن دائك الدَّواءُ كنتَ قد أعذرتَ ولم تَرْجِع على نفسك بلائمة، وإن قتلناك قتلناك بحُكْم الشريعة، وتَرْجِع أنت في نفسك إلى الاستبصار والثِّقَةِ، وتَعْلم أنّك لم تُقَصِّر في اجتهاد ولم تُفَرِّط في الدخول من باب الحزم، قال المُرْتَدُ: أوحشني ما رأيتُ من كثرة الاختلافِ فيكم، قال المأمون: لنا اختلافان: أحدُهما كالاختلاف في الأذان، والتكبير في الجنائز، والتشهُّد، وصلاة الأعياد، وتكبير التشريق، ووُجُوه القِراءات، ووجوه الفُتْيا، وهذا ليس باختلاف إنما هو تحبر وسعةٌ وتخفيف من المِحنة فمن أذّن مثنى وأقام فرادى … ، ولا يَتَعايَرُون بذلك ولا يتَعَايبَوُن، والاختلافُ الآخرُ كنحو اختلافنا في تأويل الآية من كتابنا، وتَاويل الحَدِيث مع اجتماعنا على أصل التنزيل واتفاقنا على عَين الخبر، فإن كان الذي أوحشك هذا حتى أَنْكَرْتَ هذا الكتابَ، فقد يَنْبغي أن يكونَ اللفظُ بجميع التوراة والإنجيل مُتَّفَقًا على تأويله كما يكون متَّفقًا على تنزيله، ولا يكون بين جميع اليهود والنصارى اختلافٌ في شيءٍ من التأويلات، وينبغي لك أَلاَّ تَرْجِع إلا إلى لُغَةٍ لا اختلافَ في تأويل ألفاظها، ولو شاء الله أن يُنْزِلَ كُتُبَه ويَجْعَلَ كلامَ أنبيائِهِ وورثةِ رُسلِه لا يحتاج إلى تفسير لَفَعَل، ولكنَّا لم نَرَ شيئًا من الدِّين والدُّنيا دُفِع إلينا على الكفاية، ولو كان الأمرُ كذلك لسقَطَت البَلْوَى والمِحْنةُ، وذهبت المسابقةُ والمنافسة ولم يكن تفاضلٌ، وليس على هذا بَنَى الله الدنيا. قال المرتَدّ: أشهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلا الله، وأن المَسِيح عَبْدٌ، وأنّ محمدًا صادِقٌ، وأنك أميرُ المؤمنين حَقًّا.
[عيون الأخبار ٢/ ٥٥٢].
• وقال ابن الجوزي ﵀: كان محمد بن داود كثير المناظرة مع أبي العباس بن سريج ﵀، وكانا يحضران مجلس أبي عمر القاضي فتجري بينهما