للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليَّ من أمرهم ما أكره فبوأتهم واتخذت لهم منازل وأولمت عنهم ثقة بالله وبأمير المؤمنين (١) قال: فرد عليه مائة ألف استعظامًا لها، ثم قال: قد أمرنا لك بعشرة آلاف. قال: يا أمير المؤمنين، فأعطني ما أعطيت وأنت طيب النفس، فإني سمعت أبي يُحدّث عن رسول الله أنه قال: " من أعطى عطية وهو بها طيب النفس بورك للمُعطِي وللمُعطَى " قال: فإني بها طيب النفس. [المنتظم ٨/ ١٠١].

• وعن الفضل بن الربيع عن أبيه قال: حج أبو جعفر سنة سبع وأربعين ومائة، فقدم المدينة وقال: ابعثْ إلى جعفر بن محمد من يأتينا به تعِبًا، قتلني الله إن لم أقتله. فتغافل عنه الربيع لينساه، ثم أعاد ذكره للربيع وقال: أرسل إليه من يأتي به متعبًا، فتشاغل عنه، ثم أرسل إلى الربيع برسالة قبيحة في جعفر، وأمره أن يبعث إليه ففعل. فلما أتاه قال له: يا أبا عبد الله اذكر الله، فإنه قد أرسل إليك التي لا سِوى لها. قال جعفر: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم أعلَم أبا جعفر حضورَه، فلما دخل أوعده وقال: أيْ عدوّ الله اتخذك أهل العراق إمامًا يجبون إليك زكاة أموالهم، وتلحد في سلطاني وتبغيه الغوائل؟ قتلني الله إن لم أقتلك. فقال: يا أمير المؤمنين إن سليمان أُعطي فشكر، وإن أيوب ابتُلي فصبر، وإن يوسف ظُلم فغفر، وأنت من ذلك السِّنْخ، فقال له أبو جعفر: إليّ وعندي، أبا عبد الله، البريء الساحة، السليم الناحية، القليل الغائلة، جزاك الله من ذي رحمٍ أفضلَ ما جَزى ذوي الأرحام عن أرحامهم.

ثم تناول يده فأجلسه معه على فراشه، ثم قال: عليَّ بالمِنجفَة، فأُتيَ بدُهن فيه غالية، فغلفه بيده حتى خِلتُ لحيته قاطرة، ثم قال: في حفظ الله وفي كلاءته. ثم قال: يا ربيع ألحِق أبا عبد الله جائزتَه وكسوتَه، انصرفْ أبا عبد الله في حفظ الله وفي كنفه، فانصرف ولحقتُه، فقلت له: إني قد رأيت قبل ذلك ما لم تره، ورأيت بعد ذلك ما قد رأيت، فما قلت يا أبا عبد الله


(١) الصواب أن يقال: ثقة بالله ثم بأمير المؤمنين.

<<  <   >  >>