ولا يطمعك يا أمير المؤمنين في طول الحياة ما يظهر من صحتك فأنت أعلم بنفسك، واذكر ما تكلم به الأولون:
إذا الرجال وُلُدت أولادُها … وبَليت مِن كبر أجسادها
وجعلت أسقامها تعتادها … تلك زروعٌ قد دنا حصادها
فلما قرأ عبد الملك الكتاب بكى حتى بل طرف ثوبه، ثم قال: صدق زر لو كتب إلينا بغير هذا كان أرفق. [الحلية (تهذيبه) ٢/ ٨٢].
• وعن ابن شوذب قال: كان محمد بن واسع ﵀، مع يزيد بن المهلب بخراسان غازيًا، فاستأذنه للحج فأذن له، فقال له: نأمر لك قال: تأمر به للجيش كلهم! قال: لا، قال: لا حاجة لي به. [الحلية (تهذيبه) ١/ ٤١٥].
• وعن زيد بن أسلم قال: كنت مع أبي حازم ﵀ في الصائفة فأرسل عبد الرحمن بن خالد إلى أبي حازم أن ائتنا حتى نسائلك وتحدثنا. فقال أبو حازم: معاذ الله، أدركت أهل العلم لا يحملون الدين إلى أهل الدنيا، فلن أكون بأول من فعل ذلك، فإن كان لك حاجة فأبلغنا. فتصدى له عبد الرحمن وسأل منه وقال له: لقد ازددت علينا بهذا كرامة. [الحلية (تهذيبه) ١/ ٥٢٥].
• وعن عبد العزيز بن أبي حازم قال: بعث سليمان بن عبد الملك إلى أبي حازم ﵀، فجاءه، فقال له: يا أبا حازم مالنا نكره الموت؟ قال: لأنكم أخربتم آخرتكُم وعمَرتُم دنياكم، فأنتم تكرهون أن تنتقِلوا من العمران إلى الخراب، قال: صدقت، فكيف القدوم على الله ﷿؟ قال: أما المحسن فكالغائب يقدم على أهله، وأما المسيء فكالآبق (١) يقدم على مولاه، فبكى سليمان، وقال: ليت شعري مالنا عند الله يا أبا حازم؟ قال: اعرض نفسك على كتاب الله ﷿ فإنك تعلم مالك عند الله، قال: يا أبا حازم وأنّى أصيب ذلك؟ قال: عند قوله ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ﴾ [الانفطار: ١٣، ١٤]. فقال سليمان: فأين رحمة الله؟ قال: ﴿قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الأعراف: ٥٦]. قال: ما تقول فيما نحن فيه؟ قال: أعفني