سنة الهجرة كان أوله الخميس هو المشهور عند أهل الحساب قاطبة، وكان شيخنا ابن الشاطر فيما نقل لي ابن الجندي أبو بكر عنه يخالف في ذلك ويقول لا يمكن الرؤية ليلة الخميس إنما أوله الجمعة تاسع تموز، وكلا القولين مخالف لقول من يقول أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل المدينة يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول فكان أول ربيع الأول يوم الخميس فلا يمكن أن يكون المحرم إلا الأحد أو الاثنين أو الثلاثاء فالوجه هو القول الآخر أنه كان يوم الاثنين ثاني ربيع وهو المستقيم عن حساب التقويم.
وذكر ابن عساكر في الباب الثاني وهو مبتدأ التاريخ ما يخالف ما تقدم عن خليفة ابن خياط فقال تاريخ بني إسرائيل من آخر سني ذي القرنين وهو اليوم في ذي الحجة سنة سبع وثلاثين ومائتين ألف ومائتان وسبعون سنة، قال: وذلك أن حساب ذي القرنين كان حين الهجرة سبعمئة سنة وخمس وعشرين سنة كذا وجدته في نسخة بخط ابن المؤلف القاسم وهو وهم لا شك فيه وصوابه ومائة بدل ومائتين وستون بدل سبعون، وإلا فيكون أول كلامه مخالفاً لاخره مخالفة شديدة وبكل تقدير فما ذكره خليفة وهم حصل من أنه حسب عدد سني الروم على عدد سني العرب، فإن سبعاً وثلاثين إذا أضيفت إلى سبعمائة وخمس وعشرين تبلغ ألفاً ومائة واثنين وستين سنة وبهذا الطريق يظهر لمن لا يعلم مطابقة كلام ابن جرير لخليفة، لأنك إذا أضفت إلى تسعمئة وخمس وعشرين سنة مائتين وسبعين تصير الجملة ألفاً ومائة وخمسة وتسعين كما ذكره وهذا لا يستقيم فإن السنين العربية تزيد على الرومية في كل مائة سنة ثلاث سنين وبهذا يظهر لك وهم خليفة فإن ما أرّخه غير مطابق لما أصّله على أنها أصله غير مطابق لكلام الجمهور والله أعلم.
وذكر السهيلي سبباً مخالفاً لما قاله خليفة وابن القواس وغيرهما، فقال إن قصة الفيل كانت في المحرم سنة ست وثمانين وثمان مئة من ذي القرنين وهذا يقتضي أن يكون عام الهجرة لذي القرنين ثمان أو تسع وثلاثون وتسعمئة.