كانت رؤية الهلال ليلة الاثنين ممكنة فإن مكثه كان نحو أربعة عشر درجة وبعده ثلثي أصبع ولكن حال دون رؤيته غيم، فأوله الثلاثاء الثلاثون من كانون الأول ثالث طوبة في الجزء السابع عشر من برج الجدي.
ويوم الأربعاء ثانيه توفي (١) الشيخ الصالح الخير الورع معلم الخير أبو بكر بن عثمان بن الناصح الكفرسوسي بمنزله بتربة الرحبي انقطع ثلاثة أيام ودفن هناك بمقبرة المزة وكان جاوز الستين فيما أظن وكان مثابراً على تعليم القرآن ناصحاً في التعليم عادلاً بين الصبيان لا يقدم وجيهاً على خامل ويتورع فيما يتعلق بهم في معاملتهم في الحبر والأقلام ونحو ذلك فيتبرع به من عنده وكان صحب الشيخ علي بن الثناء وأخذ من طريقته، وكان يتعاطى التكسب بالعمل في البساتين وينصح في عمله ثم حفظ القرآن على كبر وتصدى لتعليمه فختم عليه القرآن جماعة بالمزة، وكان يعلم الصبيان مقدمة في النحو ومختصراً في الفقه وآداباً وما يتعلق بالصلاة والوضوء وكان عنده ورع ووسواس فيما يتعلق بالنجاسة، ولما سكنت المزة لازمني وصار يقرأ عليّ في الروضة وكان يسألني عما يستشكله من فقه وعربية وغير ذلك وينكر المنكر ولازم الإقراء بقبة المسجف زماناً ثم انتقل إلى جامع المزة ثم ضعف فولي الإمامة بتربة الرحبي والقراءة وسكنها إلى أن توفي وخلف ولداً تعلم
(١) تاريخ ابن قاضي شهبة ٤/ ١١٢، إنباء الغمر ٤/ ١٦٠، الضوء اللامع ١١/ ٥٠.